مواضيع المحاضرة: خطوات البحث العلمي
قراءة
عرض



خطوات البحث العلمي



جامعة ذي قار كلية التربية للعلوم الانسانية قسم العلوم التربوية والنفسيةالمادة : منهج البحث العلميأستاذ المادة .أ .م .سعد طعيم

المحاضرة الخامسة

*خطوات البحث العلمي:
هنالك منهجية معينة للبحث العلمي كما عرفنا مسبقاً بحسب نوع البحث، وطبيعته، وظروف البحث، كذلك هنالك خطوات يتبعها الباحث في بحثه، هي ليست خطوات جامدة، بل هي خطوات علمية توصل الباحث لأهدافه في النهاية. وقد تتباين هذه الخطوات في عددها، وطريقة تحقيقها، وقد يتم إدماج أكثر من خطوة واحدة، ويكون ذلك تبعاً لنوع البحث وأهدافه، وكذلك يتبع إمكانيات الباحث فيما يمتلكه من اتجاهات عقلية علمية، وإمكانات معينة، وخبرات تتيح له التصرف بطريقة ما بهذه الخطوات في تقديم، وتأخير بعضها، أو غير ذلك، ومنها التفتح العقلي، وحب الإستطلاع، والرغبة المستمرة في التعلم، والدقة، والأمانة العلمية، والتحرر من الأفكار الزائفة، والتحكم الإنفعالي، الخبرة الواسعة في مجال البحث، والتخصص.. وغيرها مما يجيده الباحث، فيمكنه من التحكم بخطوات البحث العلمي حتى الوصول إلى هدفه. وعموما، فإن هنالك إتفاق على خطوات البحث العلمي فيما يتعلق بالبحوث التربوية والنفسية وهي :
1-تحديد مشكلة البحث
2-تحديد أهداف البحث
3- فرض الفرضيات
4- اختبار صحة الفرضيات بالوسائل المناسبة
5-التوصل للنتائج
6-تحليل وتفسير نتائج البحث. وسنتناول كل منها بالتفصيل.

أولاً: تحديد مشكلة البحث:

يعيش الإنسان في بيئة مليئة بالأحداث، والمواقف، والمتغيرات.. ويقف عندها في كثير من الاحيان متاملاً، وحائراً في أسبابها. لذلك يقصد بمشكلة البحث التساؤلات حول وجود ظاهرة، أو حالة معينة، أو موقف غامض لا نجد له تفسيراً محدداً، وبحاجة إلى إجابة علمية دقيقة ومقنعة بالاستناد إلى الإدلة العلمية الواقعية. وبالتوصل للإجابة، نكون قد توصلنا لحل للمشكلة.


*مصادر الحصول على مشكلة البحث:
إن الدارس المتخصص مطلوب منه أن يحدد مشكلة بحثه بالإستناد إلى معطيات واقعية من مصادر معينة. وتعتبر مرحلة الوصول إلى مشكلة البحث وتحديدها من أهم المراحل، فبدون وجود مشكلة، فلا حاجة للبحث عن إجابة للتساؤلات. وهو ليس بالعمل البسيط أو السهل، إذ لا تخلو هذه المرحلة عادة من الصعوبة والحيرة من جانب الطالب في اختيار المشكلة المناسبة، كما لاتخلو من القلق لأنها تستغرق وقتاً أطول مما كان يظنه الطالب. وفي مثل تلك الحالات التي يتسرع فيها الطالب في اختيار موضوع بحثه، كثيراً ما يغيره أكثر من مرة، حتى يقتنع بأن الموضوع الذي توصل إليه في النهاية هو الأنسب.

هناك مفاهيمم وتصورات خاطئة عن البحث أو الرسالة العلمية لدى البعض من الطلبة، خاصة في الدراسات العليا. فمنهم من يرى البحث مجرد تجميع بيانات ومعلومات، فيأخذه الحماس في تجميع كميات كبيرة منها، ويعتقد أن تلخيصها وتنظيمها هو البحث أو الرسالة، وذلك دون ان يكون لديه تصور واضح للمشكلة التي يقوم على أساسها بجمع هذه المعلومات. ومنهم من يرى أن البحث مجرد استخدام أدوات ووسائل في القياس لجمع بيانات عدد معين من الاختبارات أو الاستفتاءات وغيرها من المقاييس، ويغيب عنهم أنها أدوات للبحث ووسائله وليست غايته، وانها ما لم ترتبط في تفكير الباحث بأهداف البحث أو مشكلته تكون فاقدة للقيمة.

حقيقة أن البحث العلمي يحتاج من جانب الباحث إلى جمع معلومات، وإلى استخدام أدوات ووسائل للقياس للحصول على بيانات وإحصائيات، ولكن البحث العلمي أشمل من ذلك وأعمق. إنه فكر وتخطيط، وعمل ذكي بقصد الوصول إلى نتائج وتعميمات يوثق في صحتها بالنسبة لمشكلة معينة، وما لم يتوافر للبحث مشكلة واضحة معينة، فإن كل عمل يقوم به الباحث سوف يكون مشكوكاً في قيمته، وكيف يمكن تصور قيام بناء معين على أساس غير سليم؟

* مصادر الحصول على مشكلة للبحث:

1- التخصص الدراسي:
إن التخصص الدراسي العلمي يوفر للباحث خبرة بالمعرفة والإنجازات العلمية في مجال تخصصه، كما يساعده إلى حد كبير تبين مشكلاته وتحليلها، ومعرفة المشكلات التي سبق لبحوث معينة تناولها بالدراسة والبحث، والمشكلات الأخرى القائمة في المجال والتي ما زالت تحتاج إلى جهود علمية لدراستها. وكلما اتصفت هذه الخبرة بالعمق والشمول في نفس الوقت، كلما ساعدت الباحث على فهم مجال هذه المشكلات وأبعادها المختلفة، وتوفر مثل هذا الفهم ضروري وله قيمته في اختيار المشكلة وتحديدها.
2- برامج الدراسات العليا:
توفر معظم الجامعات لطلبتها البحوث فيها برامج دراسية متقدمة يدرس فيها الطلبة بعض المقررات والموضوعات التي تزودهم بخبرات لازمة في إعدادهم لمرحلة البحث. وبعض الدراسات يستغرق سنة دراسية كاملة بعد حصولهم على الدرجة الجامعية الأولى وتسجيلهم للدراسات العليا، وبعضها الآخر قد يستغرق فترة دراسية أطول، وهي ما تسمى عادة بالدراسات العليا التمهيدية للحصول على الماجستير. وهناك أيضاً حلقات الدراسات العليا أو (السمنار) التي يشارك فيها طلبة الماجستير والدكتوراه وتشتمل هذه البرامج على نشاطات متعددة ومتنوعة تزود الطلبة بخلفية علمية مناسبة لا تقتصر فائدتها للطالب على مرحلة اختيار مشكلة معينة للبحث فحسب، وإنما تمتد لتفيده في البحث ككل وفي جميع مراحله. ويدرس الطلبة فضلاً عن مواد تخصصهم بعض المواد الدراسية المساعدة كالإحصاء، ومناهج البحث، والقياس والتقويم، وتكليفهم بوضع خطط للبحوث المقترحة، ومناقشتها وتقويمها من جانب الأساتذة وزملائهم المشاركين في حلقات السمنار..وغير ذلك مما ينمي خبرات الطلبة في مجال البحث العلمي.
3- الخبرة العملية وحساسية الباحث:
الخبرة العملية كالعمل الميداني التربوي مثلاً لفترة كافية، لها أهميتها في استكشاف بعض المكشلات الملحة الموجودة في واقع الميدان، وتحتاج إلى دراسات للتوصل إلى حلول علمية لها. ومثل هذه الخبرة قد تساعد في التعرف على مشكلات يصعب أن يتعرف عليها عن طريق مصادر اخرى.

إن المشكلة التي يختارها الباحث بنفسه في ضوء خبرته العملية الميدانية كثيرا ما تكون لها أهمية عند الباحث، ومن ناحية أخرى، فكثيرا ما يلاحظ على طلبة الابحاث حديثي التخرج، والذين لا تتوفر لديهم خبرة لعمل الميداني الالتجاء إلى الأساتذة المشرفين عليهم لكي يختاروا لهم موضوعات أو يحددوا لهم مشكلات معينة يمكن لهم دراستها، ويبررون ذلك بأنهم حاولوا أكثر من مرة، ولكن يبدو لهم أن الميدان قد خلا من المشكلات التي تصلح للدراسة. وهو بلا شك اعتقاد خاطيء أساسه النظرة الضيقة لحدود لخبراتهم العملية.

والخبرة العملية كغيرها من المصادر، هي ليست المصدر الوحيد للوصول إلى مشكلات للبحث، وخبرات الباحث المرتبطة بجميع المصادر الأخرى متكاملة، ويعزز بعضها بعضا. وفضلاً عن ذلك، فإن الحساسية للمشكلات، والقدرة على إدراكها، والتمييز بين الهام منها والأقل أهمية تحتاج من جانب الباحث إلى عقلية يقظة ناقدة، وبصيرة نافدة. والدليل على ذلك، أن هناك افراداً يتوفر لديهم خبرة ميدانية لسنوات طويلة في مجال عملهم، ورغم ذلك لا تتوافر لديهم القدرة على رؤية بعض المشكلات التي يعاني منها الميدان الذي يعملون فيه.
وعلى افتراض أن طالب الدراسات العليا تتوافر لديه مثل هذه القدرة، فإنه يشترط في تسجيله في الدراسات العليا في التربية الذي يدرس للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه أن يكون قد مارس التدريس لفترة تتراوح من سنتين إلى أربع سنوات.

والواقع أن مثل هذه الفترة تفيد كمصدر مباشر يمكن أن يستقي من طالب البحث بعض المشكلات الواقعية. فكل مدرس يواجه مشكلات يومية داخل حجرة الدراسة وخارجها ترتبط بما يدرسه من مقررات وموضوعات، ولماذا يدرسها، وكيف يرفع من كفاية تدريسها. إن التغيرات الاجتماعية والعلمية والتكنولوجية ومطالبها من التعليم المدرسي تأتي بمشكلات جديدة تخلق فرصاً جديدة للبحث التربوي، كما هو الحال بالنسبة لاستخدام التكنولوجيا التعليمية الحديثة كأفلام التلفزيون والآلات والوسائل التعليمية الحديثة، والتعليم البرامجي..وغيرها. هنالك الحاجة إلى بحوث علمية حديثة في ميدان التربية وعلم النفس التربوي يقوم عليها تطوير التعليم ونظمه وأساليبة، وترتبط بواقع التعليم ومستقبله.


4- الدراسات المسحية للبحوث السابقة والجارية:
الدراسة التحليلية والناقدة للبحوث السابقة أو ملخصاتها ونتائجها المنشورة يمكن أن تكشف للطالب عن نواحي نقص معينة في الدراسات السابقة والتي ما زالت تحتاج إلى إجراء بحوث حولها، وكذلك تفيد في نواح أخرى كثيرة منها أنها تزود الباحث بأفكار ونظريات وفروض وتفسيرات معينة قد تساعد الطالب على تحديد أبعاد المشكلة التي يبحث فيها، كما تعرفه على أنواع من تصميمات البحوث وطرق وأساليب متعددة ومتنوعة في البحث يمكن أن يفيد منها في بحثه. إن كثيرا من هذه البحوث تشتمل في نهايتها على توصيات ومقترحات بإجراء بحوث معينة ترتبط بمشكلة البحث أو الميدان عامة.
إن معرفة الطالب بالبحوث الجارية في الميدان واتجاهاتها تفيد في التوصل إلى مشكلات معينة تصلح للبحث وفي منع تكرار اختيار الطالب لمشكلة سبق دراستها وتتوافر لها كفاية من الأدلة والحقائق. وفي بعض الحالات تنتهي الرسائل والأطاريح بنتائج غير قاطعة مؤكدة، وذلك بسبب قلة توافر البيانات أو الضعف في إمكانية الباحث خاصة المبتديء على تحليلها أو الوصول إلى مثل هذه النتائج. وقد تنتهي بعض الرسائل العلمية بنتائج مؤكدة ولكنها من ناحية أخرى تقوم على أساس بيانات محدودة كأن تكون عينة أفراد البحث صغيرة جداً، لا تمثل مجتمع البحث. ويمكن في مثل هذه الحالات إجراء بحوث تستخدم فيها عينات كبيرة وممثلة إلى حد كبير لمجتمعها الأصلي بقصد الوصول إلى نتائج تسمح بالتعميم وبتطبيقات واسعة لها أهميتها في الميدان التربوي. ويستطيع الطالب استعارتها وقراءتها، يمكن أن يحدد الطالب نسخاً من رسائل الماجستير والدكتوراه في مكتبات الكليات أو الجامعات. إذ تحتفظ الجامعات بنسخ للرسائل العلمية، كذلك المجلات العلمية العربية والأجنبية التي تنشر ملخصات للرسائل والاطاريح. واليوم أصبح متاحاً للطلبة الحصول على كثير من هذه البحوث من خلال الأنترنت، والمراسلة مع الجامعات للحصول على ما يستجد من بحوث ودراسات علمية.

5-برنامج قراءة ونظرة ناقدة :

ينبغي أن يدرك الطالب الباحث منذ بداية التحاقه بالدراسة أهمية القراءة الناقدة في تكوينه كباحث. وتشمل هذه القراءة إلى جانب قراءته للرسائل والأطاريح وملخصاتها كتب المراجع العلمية، وكتب الثقافة العامة التي توفر له خصوبة في الخبرة عريضة وعميقة في نفس الوقت. ولا شك أن كفاية الخلفية الخبراتية ضرورية للطالب وبالأخص في مرحلة البحث عن مشكلة معينة للبحث والمشاركة في المناقشات الناقدة المثمرة التي تدور عادة في حلقات أو السمنار.
إن اتباع الاسلوب الناقد في التفكير والقراءة والمناقشة أمر ينبغي لكل طالب باحث أن يحرص عليه، وبالاخص المبتديء، ففي قراءة الدراسات والمقالات والموضوعات في المراجع التربوية والنفسية، وفي الاستماع إلى آراء وملاحظات الأساتذة، وفي عرض الأفكار ومناقشة مقترحات البحوث في حلقات السمنار ينبغي أن يدقق فيها الباحث، ويتفحصها ويزن ويقدرها، وفي نفس الوقت ينبغي ألا يضجر من وجهات النظر الأخرى المخالفة لوجهة نظره حين يناقش خطة بحثه مع الأساتذة وزملائه، تلك المناقشات تفيده في التوصل لتحدي أفضل لمشكلة بحثه.
وينصح الطالب بأن يحتفظ بمذكرات منظمة يسجل فيها الملاحظات والأفكار المتصلة بالموضوع الذي يريد البحث فيه سواء كانت منبثقة من تفكيره زاستقصائه الذاتي، أو مستقاة من قراءاته أو من محاضرات الأساتذة أو الاستشارات العلمية بخصوص موضوع بحثه. إن تلك الملاحظات المسجلة من قبل الطالب تفيده تكون تحت يده باستمرار لكي يفحصها ويتمعن فيها، وهي كثيرا ما تستثير لديه التفكير الناقد والتقصي العقلي وتوحي إليه بافكار واتجاهات جديدة تفيده في بحثه.



رفعت المحاضرة من قبل: اسامة ايمن عبد الغني
المشاهدات: لقد قام 5 أعضاء و 199 زائراً بقراءة هذه المحاضرة








تسجيل دخول

أو
عبر الحساب الاعتيادي
الرجاء كتابة البريد الالكتروني بشكل صحيح
الرجاء كتابة كلمة المرور
لست عضواً في موقع محاضراتي؟
اضغط هنا للتسجيل