جامعة ذي قار
كلية التربية للعلوم الانسانيةقسم العلوم التربوية والنفسية
محاضرات مادة : الصحة النفسية
لطلبة المرحلة الرابعة / قسم العلوم التربوية والنفسيةاعداد الدكتور
عبد العباس غضيب الحجامي
استاذ الشخصية والصحة النفسية المساعد
(المحاضرة الثانية)
معايير الصحة النفسية :
==================ظهرت اتجاهات عدة حاولت وضع معايير لتحديد السواء وغير السواء في الصحة النفسية نتيجة تعدد النظريات النفسية التي تناولت الصحة النفسية فقد وضع ( ماسلو ومتلمان،Maslow & Matalan) قائمة بالمؤشرات وتم تعديل هذه القائمة من قبل( كوفيل وآخرون ، Kofil et al) وتتضمن هذه القائمة بعض المؤشرات الآتية :
1- شعور الفرد بالأمن.
2- درجة معقولة من تقويم الفرد لذاته.
3- أهداف حياته تتسم بالواقعية .
4- اتصال فعال بالواقع .
5-تكامل وثبات في الشخصية .
6- القدرة على التعلم من الخبرة التي يمر بها الفرد.
وان أحدث المعايير التي تحدد مستوى الصحة النفسية للفرد؛ هي تلك التي يراها (وولمان ،Wolman )على النحو الاتي :
1. العلاقة بين طاقات الشخص وإنجازاته : وهو ذلك التفاوت الذي يحتمل وجوده بين ما يستطيع الفرد القيام به، وبين ما يقوم به وينجزه فعلياً .
2. الاتزان العاطفي : ويعني التوازن بين انفعالات الشخص والمؤثرات العاملة في ذلك .
3. صلاح الوظائف العقلية : ويشمل الإدراك والمحاكاة وعمل الذاكرة والتفكير وغيره، والصلاح هنا يقصد به مقدار ما يكون عليه عمل هذه الوظائف من حيث صحتها ودقتها وسيرها وفق المبادئ العقلية الأساسية .
4. التوافق الاجتماعي : ويعني مستوى توافق الفرد مع شروط حياة الجماعة وتفاعله معها. فالشخص الذي يتمتع بصحة نفسية جيدة قادر على العيش بسلام وصداقة مع الآخرين ضمن الكتل الاجتماعية.
محكات السواء واللاسواء :
---------------
إن اساليب توافق الشخص مع البيئة المادية والاجتماعية أما أن تكون اجتماعية تحضى بقبول الجماعة وعليه يكون الفرد طبيعي، واما ان تكون خارجة عن هذا الاطار فيوصف الشخص بالشاذ، وعلى ضوء ذلك فان الشخص السوي هو الذي يتوافق مع نفسه ومع المجتمع والبيئة التي يعيش فيها والقانون، اما الشخص غير السوي هو الذي لا يتوافق مع نفسه ولا مع المجتمع والبيئة والقانون.
وهناك عدداً من المحكات او المعايير المختلفة لتقرير ما هو عادي او صحي من السلوك وما هو غير عادي أو مرضي، ومن أهمها:
1- المحك الإحصائي :
يستند هذا المحك الى الصفات المختلفة سواء كانت جسمية أو عقلية أو نفسية تميل في توزيعها بين الافراد الى الاعتدال ، بحيث نجد أن اغلب الافراد يملكون من هذه الصفات شيئا متقاربا وقليل منهم يتطرفون في زيادة السمة أو نقصانها ، فلو حاولنا ان نقيس السمات عند الناس بمقاييس موضوعية وتوزيع الدرجات التي يحصلون عليها في صورة رسم بياني سوف نجد ان هذا الرسم يأخذ بصورة عامة شكل المنحنى الطبيعي. مثال ذلك ان متوسط طول الافراد في اكثر البلدان يتراوح ما بين(160- 180) وان الذي يخرج عن هذا المتوسط (قزما أو طول مفرط) يخرج عن هذا المحك.
ان المعيار الاحصائي في تحديد الشخص السوي وغير السوي يراعي ما بين الانحراف من تدرج في الحالات ( خفيفة، متوسطة، شديدة) لكنه يواجه مشكلات عديدة تجعله صالحا في تحديد السواء لبعض الجوانب في الشخصية وغير صالح لتحديد جوانب اخرى، ومثال ذلك (الذكاء) فمن المعروف ان اغلب الناس تقع درجات ذكائهم في الوسط (في حدود الـ 100) على مقياسي ستانفورد بينه واختبار ووكسلر والقليل جدا تكون درجاتهم في حدود(70) فما دون ونسبتهم 2,27% ونفس النسبة تكون درجاتهم (130) فما فوق، فاذا كان الشاذ هو الذي يقع في نهاية المنحى الطبيعي فنحن نطلق على العبقري انه شاذ وعلى المتخلف عقليا انه شاذ ايضا. وفي الاخير انه يمكن القول ان هذا المعيار يصلح للحكم على السلوك السوي والسلوك الشاذ في بعض الصفات الجسمية كالطول والوزن ...الخ، ولكنه لا ينطبق على الكثير من سمات الشخصية المتعلقة بالقدرات او السمات النفسية.
2-المحك المثالي:
يستمد هذا المعيار، أصوله من الحضارات الأولى ومن الأديان المختلفة، إذ يرى أن الإنسان السوي هو الذي يقترب من الكمال ويطبق المثل العليا، أما الإنسان اللاسوي فهو الذي يبتعد بسلوكه عن الكمال , وتبعاً لهذا الاتجاه، فانه من الصعب ان يصل أو يبلغ الفرد مرتبة المثالية، نستنتج طبقاً لهذا المحك ان الافراد المثاليين سيكونون أقلية نادرة في المجتمع ، في حين ان الاغلبية ستصبح شاذة بحكم انحرافها عن معيار المثل الاعلى.3- المحك الاجتماعي الثقافي :
ويعتمد هذا المحك على تحديد السوي من غير السوي عبر الالتزام بمعايير وقيم وأعراف المجتمع ، فمسايرة المعايير الاجتماعية هي الأساس في الحكم على السلوك بالسواء أو اللاسواء . فمن استطاع أن يجاري الحياة الاجتماعية هو شخص سوي ومن لم يستطع فهو شخص غير سوي .ويمكن أن يعرف أيضا بأنه توقعات مجموعة ما من سلوك شخص ما وترتبط هذه التوقعات الاجتماعية بالعادات والقيم والثقافة والمعايير السائدة في المجتمع وبتوجه المجتمع الديني والسياسي والأخلاقي والاقتصادي . ان من المآخذ على هذا المعيار يرى السواء في الامتثال التام لقوانين المجتمع وثقافته حتى وان كانت فاسدة تتطلب من الفرد العمل على اصلاحها بدلا من التكيف معها. ولعل اكثر المآخذ التي تبرز في هذا المحك هو ان الانسان هو المرجع لسلوك الانسان لأنه يتأثر بالذاتية وقصور في وضع المعايير والضوابط. كما ان المجتمع ذاته قد يمرض فتشيع فيه ظواهر مرضية في جوهرها كالرياء والكذب والغش والخداع.., الخ فيراها البعض وسائل مشروعة للنجاح في التفاعل الاجتماعي.4- المحك الذاتي:
يعرض هذا الاتجاه، موس (Moss) وهانت (Haunt) في كتابهما عن أسس علم الشذوذ النفسي، إذ يذهبان في تحليل البناء الشخصي لكل فرد، إلى الآراء التي يعلنها عمن هو الشاذ ومن هو السوي . فالفرد ينظر إلى الناس جميعاً انطلاقاً من ذاته في تحديد السواء و اللاسواء، ويبدو أن ما ينسجم مع أفكاره وآرائه الذاتية وخبراته السابقة، هو ما يعده الفرد، معياراً لتقييم الآخرين وتصنيفهم، وكأن الشخص يحدد مجموعة من الاحكام او المعايير( مبادئ، اتجاهات) على سبيل المثال تكون بمثابة اطار مرجعي يحكم من خلاله على السلوك بما يتفق مع هذا الاطار يعد سويا وعاديا وما لا يتفق يعد شاذا وغير عادي، وانه يعاب على هذا المحك بانه غير موضوعي لأنه يختلف باختلاف الاشخاص وافتقاره الى المقومات الأخلاقية.
5- المحك الطبي النفسي(الباثولوجي):
يرى هذا المعيار أن اللاسواء في سلوك الفرد، يعود إلى صراعات نفسية لا شعورية، أو تلف في الجهاز العصبي، لذا فإن اللاسواء هو حالة مرضية فيها خطر على الفرد نفسه وعلى المجتمع، وإن السواء هو الخلو من الاضطرابات والأعراض المرضية . من المآخذ على هذا الاتجاه انه لم يحدد الدرجة التي يجب ان يصل اليها انحراف السلوك او الاضطراب او الاعتدال في الصحة النفسية حتى يمكن عده شاذا، فهناك حالات اقل شدة من حيث الاضطراب لا يمثل خطرا على الفرد نفسه او على الاخرين يستوجب عزله او عزلها كالخوف من التلوث او الظلام او الحشرات او الرعد والبرق او الاماكن المرتفعة.. الخ، اذ ان درجة الخطورة هذه لا تدرج ضمن مظاهر الشذوذ وفقا لهذا المحك.6-المحك التفاعلي:
إن الاعتماد على محك واحد من المحكات السابقة المذكورة قد يكون له مبرراته في الحياة العملية اليومية ولكن عندما يتعلق الأمر بإطلاق الأحكام التشخيصية في علم النفس المرضي والممارسة العيادية أو الصحة النفسية لا يكفي الركون إلى معيار واحد من هذه المعايير ومن المؤكد أن المعايير المختلفة ليست منعزلة عن بعضها وإنما ترتبط مع بعضها بطريقة تفاعلية فكما يمكن للمعايير الوصفية أن تحدد تكرار أو احتمال ظهور سمات محددة تستطيع المعايير العرفية(المثالية، الوظيفية) أيضاً أن تحصل على معلومات بوساطة الوسائل الإحصائية حول وجود تغير ما ، فالخرق المتكرر جداً لمعايير القانون غالباً ما يجلب معه ضرورة التعديل لهذه المعايير ، فعندما تنتشر في مجتمع من المجتمعات ظاهرة من الظواهر كازدياد نسبة تعاطي المواد المسببة للإدمان مثلاً ، او ازدياد نسبة الجريمة أو ازدياد نسبة العاطلين عن العمل ولا تعود القوانين السارية فاعلة كثيراً في مواجهة هذه الظاهرة تنبع ضرورة تعديل القوانين السارية وإيجاد قوانين بديلة أكثر فاعلية تستطيع الحد من هذه الظاهر .
7. معايير( محكات) ذات طابع اجرائي:
وهي مجموعة معايير، قدمتها مائير جاهودا(M.Jahoda) الغرض منها هو الحكم على ان الفرد يتمتع بصحة نفسية ايجابية، وهي الآتي:
الاتجاه نحو الذات
النمو والتطور وتحقيق الذات
التكامل والاتساق بين جوانب الشخصية
التلقائية والتوجيه الذاتي
السيطرة على البنية
ادراك الواقع.
الشخصية السوية عند بعض العلماء
-----------------------
اولا: فرويد: ان الشخصية السوية ، هي التي اشبعت حاجاتها الكلية دون الاحساس بالخجل أو القلق او الشعور بالذنب او الاثم ، الذي يؤدي بها الى الاحساس بالنقص أو الدونية ، فيجعل سلوكها مضطرباً .
ثانيا: سوليفان: ان الشخصية السوية هي التي تقيم علاقات سوية مع الاخرين وان مفاهيمها عن نفسها وعن الناس دقيقة وواقعية.
ثالثا: روجرز: الشخص السوي هو الذي يقبل ذاته كما هي من دون احساس بالنقص أو الدونية ولا يبالغ في هذا التقدير.
رابعا: مازلو: الشخصية السوية هي التي اشبعت حاجاتها الاساسية البيولوجية وحاجاتها للأمن والحب والانتماء والتقدير.
خامسا: فروم: الشخصية السوية هي التي تتمتع بالإنتاجية ولا تشعر الغربة النفسية في موطنها، وتحب الناس، وتنسب نفسها الى العالم كله.
سادسا: أدلر: الشخص السوي هو الذي يشعر بالتعاطف مع بقية الناس ومتعاوناً معهم لا من اجل مصلحته الشخصية، بل من أجل التقدم الاجتماعي.
ويرى اتكنسون " Atkinson" ان الفرد السوي يمتلك درجة اكبر من الفرد غير السوي في النقاط الآتية:
الادراك الفعال للواقع
معرفة الذات
القدرة على ممارسة السيطرة الارادية او الطوعية على السلوك
قبول الذات واحترامها
القدرة على تكوين علاقات ودية
الانتاجية.
مفروضة على أفعالهم ، ويختارون الاستسلام لها ومعارضتها، والنتيجة هم الذين يصنعون أنفسهم .