مواضيع المحاضرة: الموقع الجغرافي للعراق وتأثيرةفي بناء حضارة وادي الرافدين
قراءة
عرض

تاريخ العراق القديم/ جغرافية العراق القديم

الكلية: كلية التربية للعلوم الانسانية القسم: قسم التاريخ المرحلة: الاولىأستاذ المادة : افراح رحيم علي شعبة (ج) تاريخ النشر : 11/3/ 2020
جغرافية العراق القديم:الموقع الجغرافي للعراق وتأثيره في بناء حضارة وادي الرافدين
يقع العراق في القسم الجنوبي الغربي من قارة آسيا، وكان لموقعه أهمية بالغة للتجارة، إذ يقع في ملتقى الطرق التي تمر إلى الشرق والغرب، ويربط بين قارات العالم القديم الثلاث آسيا وأوربا وأفريقيا، يتميز سطح العراق بالانحدار التدريجي من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وتتباين تضاريس سطح العراق بين الجبلية الوعرة والهضبة المتموجة والصحراوية القاحلة والسهلة الرسوبية الصالحة للزراعة ذات الكثافة السكانية الأعلى والأقدم في الاستيطان، ويمكن تمييز ثلاث أنواع رئيسة في سطح العراق: المنطقة الجبلية التي تشغل زهاء 20% من مساحة العراق وفيها الجبال العالية والمرتفعات الشبه الجبلية والمتموجة، وتمتد من الشمال إلى الشمال الشرقي، والمنطقة الجبلية وفيرة المياه وتنساب منها روافد نهر دجلة، وهي صالحة للزراعة لاسيما في أقسامها الشمالية، وفي هذه المنطقة عاش إنسان العصور الحجرية القديمة، كما ظهرت أولى القرى الزراعية فيه.وتحتل الهضبة الصحراوية نحو 60% من مساحة العراق، ويسير فيها عدد كبير من الأودية وتمتد إلى الطرف الغربي من العراق، وتقسم على قسمين يمكن تمييزهما من خلال السطح والتربة والنبات والأمطار: الأول هو هضبة الجزيرة وتقع في الشمال الغربي من العراق وتعرف عند البلدانيين العرب بأرض الجزيرة الفراتية وأرض ما بين النهرين العليا التي يحدها من الشمال مرتفعات مكحول ـ سنجار، ومن الجنوب السهل الرسوبي، ومن الغرب مجرى نهر الفرات والحدود السورية، ومن الشرق جبال حمرين، يتميز سطحها بوجود أراض كبيرة منبسطة تتخللها هضاب وكثبان رملية ومنخفضات (بحيرات) وأودية، ويعد منخفض الثرثار أهم منخفضاتها، كما تتميز هذه المنطقة بسقوط الأمطار الكافية للزراعة والرعي مما سبب ازدهار هذه المنطقة في عصور ما قبل التاريخ، وهذا يتوضح من كثرة التلال الأثرية المنتشرة فيها، كما تعد هذه المنطقة نقطة وصل مهمة بين العراق وبلاد الشام وموانئ البحر المتوسط وبلاد الأناضول، أما القسم الثاني من الهضبة الصحراوية فهي: هضبة البادية الغربية، وتحاذي البادية الغربية مجرى نهر الفرات من الغرب وتشترك مع بادية الشام وتمتد إلى وسط الجزيرة العربية، أرضها رملية منبسطة تتخللها بعض الأودية والمنخفضات التي تجري فيها مياه المطار القليلة، وأهم هذه المنخفضات هو منخفض الحبانية، لم تكن هذه المنطقة منطقة استيطان حضري في العصور القديمة بل كانت مصدرا لهجرة الأقوام الجزرية إلى العراق منذ أقدم العصور.ويمتد السهل الرسوبي الذي يشغل نحو 20% من مساحة العراق في منطقة واسعة ذات تربة خصبة محاذياً لأرض الجزيرة العربية القاحلة بدأً من خط وهمي بين مدينة سامراء على نهر دجلة ومدينة هيت على نهر الفرات شمالاً، ومستمراً نحو الجنوب حتى شمال غربي الأهوار وسواحل الخليج العربي، وقد تكون هذا السهل نتيجة الرواسب التي يحملها نهري دجلة والفرات ومن السيول المنحدرة من وديان الهضبة الصحراوية، وكان بعض الباحثين يعتقدون أن الخليج العربي كان في عصور ما قبل التاريخ يمتد إلى أقصى شمال منطقة السهل الرسوبي مستندين في ذلك على وجود بعض الترسبات البحرية ووجود كميات كبيرة من الحصى على شكل طبقات سميكة بين بلد وسامراء مما يعني برأيهم دليلا على الخط الساحلي القديم للخليج العربي، بينما هو في الواقع أحد مدرجات نهر دجلة في عصر الجليد والبلايستوسين، وقد دحضت هذه النظرية المكتشفات الأثرية في أطراف الأهوار التي تعود إلى العصر الحجري القديم والتي تشير إلى استيطان المنطقة منذ أقدم العصور، فقد وفرت هذه المنطقة البيئة المناسبة لقيام أعظم الحضارات الإنسانية التي أبدعت أروع الإنجازات الحضارية، وتجدر الإشارة إلى مشكلة الملوحة التي كانت تعاني منها منطقة السهل الرسوبي بسبب ارتفاع مناسيب المياه الجوفية ودرجة التبخير العالية وسوء استخدام الري وعدم توافر نظام بزل وتصريف ملائم يتناسب مع طريقة سقي المزروعات، كل هذا أدى إلى ارتفاع في مستويات ملوحة التربة وقلة إنتاجها الزراعي الذي أثر سلبا على الحياة السياسية في العراق لاسيما المنطقة الجنوبية والوسطى فيما بعد.
تأثير الانهار على حضارة وادي الرافدين؟اعتمدت الحضارات التي قامت في وادي الرافدين على نهري دجلة (ادكنا بالسومرية وأدكلات أو ادكلاتوم بالأكدية) والفرات (بالسومرية بورانن وبوراننا أو بالأكدية بوراتي أو بوراتم) اللذان غيرا مجراهما باستمرار عبر التاريخ مما كان له الأثر الكبير على اندراس الكثير من المدن والحواضر التي قامت على ضفافهما وظهور أخرى غيرها، ويمثل نهر الفرات حد فاصل بين الحدود الغربية القاحلة والشرقية الخصبة لاسيما في ثلثه الأخير، بينما لم يشكل نهر دجلة حدوداً فاصلة، الأمر الذي كان له أثر في الأوضاع السياسية تمثل في حالة عدم استقرار الحدود الشمالية الشرقية لنهر دجلة وأعالي نهر الفرات، يلتقي دجلة بالفرات ليكونا شط العرب مضافاً لهما نهر الكارون ليصب في الخليج العربي.س/ لقد مر العراق بتقلبات مناخية كبيرة أثرت في مسار الحياة فيه، كيف حدث هذا؟
ج/ تميز مناخ العراق بتنوعه حسب أقسام سطحه، وهو على العموم ما بين البرودة المعتدلة شتاءً والحر المعتدل صيفاً في أقسامه الجبلية وشبه الجبلية، والمناخ الشبيه بالصحراوي في الوسط والجنوب، ومناخ وسط بين المناخين السابقين يعرف بمنطقة مناخ السهوب، ويتركز في منطقة سهوب العراق, وتسود أجواء العراق الرياح الشمالية والشمالية الغربية معظم أيام السنة، كما تهب على العراق الرياح الشرقية والجنوبية الشرقية، وتمتاز بدفئها وكثرة رطوبتها لهبوبها من منطقة الخليج العربي والأهوار، فتصطدم بالرياح الشمالية والشمالية الغربية فتسقط أمطارها.وتجدر الإشارة إلى انعكاس الأوضاع البيئية على تسمية أشهر السنة والتي تقارب أوضاع الأشهر الحالية، فقد أطلقوا على الشهر الأول (طيبيتو) أي (كانون الثاني) ومعناه الغوص في الطين، وعلى الشهر الثالث (أدارو) أي (آذار) ومعناه المخيف لكثرة الرياح العاتية فيه (هناك إله بابلي اسمه أدار)، وعلى الشهر الخامس اسم (آيار) ومعناه المضيء والنور، وعلى الشهر الثامن (آبو) أي (آب) ومعناه المحرق لشدة حرارته، والشهر العاشر (تشريتي) أي (تشرين الأول) ومعناه الاستفتاح أي بدا موسم البرد وبالفعل يعتدل الجو في أواسط هذا الشهر.س/ هل كان للحيوانات والنباتات علاقة بتقلبات المناخ؟
ج/ لقد تبدلت الحيوانات والنباتات إلى حد بعيد، وتشير المصادر التاريخية إلى وجود حيوانات في العراق لم تعد موجودة حالياً، مثل الفيل الهندي والفيل الوحشي وفرس النهر والغزال الأحمر والأيل والنمر والفهد والحمار الوحشي، فضلاً عن بعض الحيوانات التي انقرضت مثل: البيسون (بالسومرية أليم) وهو حيوان شبيه بالثور لديه لحية (معروف حاليا من الصور فقط)، أما الأسود فموجودة حتى القرن 19م، وحيوانات كانت ولازالت موجودة مثل: الماشية والماعز والغزال العادي والحصان والحمار وغزال الجبل والدب والذئب والكلب والبقر والجاموس، كما هناك بعض الطيور التي ورد ذكرها في المصادر التاريخية مثل الببغاء والطاووس.
أسماء العراق التاريخية :قبل أن نورد التسميات التي أطلقت على العراق نشير إلى أن التسميات التي وردت من عصر دويلات المدن أو ما يعرف بعصر السلالات كانت تعني منطقة دويلة المدينة، فمثلاً (انسي لكش) تعني حاكم مدينة لكش، و(انسي اوريما) تعني حاكم مدينة أور، حيث أن (انسي) في اللغة السومرية تعني (حاكم)، وفي أواخر فترة دويلات المدن السومرية ظهر لقب ملك الإقليم باللغة السومرية (لوكال كالاما)، (لوكال) تعني (ملك) و(كالاما) تعني (إقليم)، وأول هؤلاء الملوك هو (لوكال زاكيزي) والذي هو بنفس الوقت آخر حاكم في فترة دويلات المدن السومرية.وأطلقت على بلاد وادي الرافدين بعد ذلك تسميات بلاد سومر (حالياً محافظات القادسية وذي قار والمثنى والبصرة)، وبلاد أكد (حاليا يرجح أن تبدأ من حول تكريت إلى جنوب الحلة)، مع ضرورة الإشارة إلى عدم وجود حدود طبيعية تفصل بين سومر وأكد، وتمكن الملك السومري (اوتو حيكال) (سلالة أور الثالثة) من طرد (الكوتيين) وتحرير وتوحيد البلاد وليطلق على نفسه اسم (ملك سومر وأكد) وظل هذا الاسم شائعاً إلى آخر عهود العراق التاريخية تقريباً كما سنتطرق اليه في المحاضرات القادمة ، أما القسم الشمالي من العراق فقد عرف باسم (سوبارو) أو (سوبارتو) المشتق من اسم (السوباريين) (الفراتيون الأوائل) الذين سبقوا السومريين في سكنى جنوب العراق، ثم أطلق البابليين اسم (سوبارو) لتعني الشمال، كما أطلق الكشيون لفظة (كار دويناش) على بلاد بابل، وهي تعني (بلاد الإله دويناش) الرب القومي لهم، واستمر الآشوريون يطلقون هذه التسمية على بلاد بابل حتى عصور متأخرة، أما تسمية (الشاطيء) فانها وكلمة ايران من اصل واحد(اصل فارسي) أطلقها الأخمينيون على العراق وقسم من سوريا حتى حدود فلسطين في أثناء احتلالهم للعراق.واطلق الاغريق على الجزء الواقع بين دجلة والفرات حتى حدود بغداد تسمية (ميزو بوتاميا) (بلاد الرافدين) أو (بلاد ما بين النهرين)، المشتقة من كلمة (ميزو) تعني (وسط) و(بوتاميا) تعني (الأنهار)، ولا يعرف بالتحديد الفترة التي بدا فيها استخدام هذا المصطلح، وربما صارت منذ أوائل الاحتلال السلوقي تطلق على منطقة واسعة بين نهري دجلة والفرات وعلى شاطئيها، كما أن تسمية (ميزو بوتاميا) ترادف تقريبا مصطلح (الجزيرة الفراتية) التي أطلقها البلدانيون العرب على الأقسام الشمالية والوسطى من العراق.أما لفظة العراق بدأ استعمالها في القرون الأربعة الأولى التي سبقت الإسلام، فقد أطلق الساسانيون (226-637م) على ولاية سورستان (العراق والأحواز)، وهذا يعني أن لفظة العراق ليست بالأصيلة، فمن أين جاءت هذه التسمية؟اختلف الباحثون في تفسير لفظة العراق، فقد تكون ذات علاقة مع الكلمة السومرية (أنوك) أو (أوروك) التي تأتي بمعنى (المستقر)، وبها سميت مدينة أوروك، إلا أنه مع ذلك لم يطلق أي من التسميتين على القطر كله، ومنهم من ربطها مع كلمة (أريقا) التي وردت في نصوص العصر الكشي، أو أنها من لفظة (ايراك) التي تعني باللغة الفهلوية الأرض المنخفضة أو السفلى أو الجنوبية، أو أنها تعني الجرف أو الساحل أو حتى الجسر مأخوذة من (عرقا) الواردة في كثير من اللغات الجزرية، وقيل: سمي بـ(عراق المزادة) وهي الجلدة التي تجعل على ملتقى طرفي الجلد إذا خرز في أسفلها لأن العراق بين الريف والبر، وقيل: العراق شاطئ النهر أو البحر على طوله، وقيل عراق لأنه على شاطئ دجلة والفرات حتى يتصل بالبحر، وقيل العراق معرب وأصله إيراق فعربته العرب فقالوا عراق، والعراقان: الكوفة والبصرة.اما الكتاب العرب في العصور الحديثة فقد استخدموا مصطلح وادي الرافدين عند الحديث عن العراق القديم




رفعت المحاضرة من قبل: اسامة ايمن عبد الغني
المشاهدات: لقد قام 0 عضواً و 313 زائراً بقراءة هذه المحاضرة








تسجيل دخول

أو
عبر الحساب الاعتيادي
الرجاء كتابة البريد الالكتروني بشكل صحيح
الرجاء كتابة كلمة المرور
لست عضواً في موقع محاضراتي؟
اضغط هنا للتسجيل