مواضيع المحاضرة: الاصلاحات العثمانية
قراءة
عرض

استاذ المادة : م. شيماء ياس خضير العامري

تاريخ النشر :الاثنين ٢٠٢٠/٥/١١
مادة تاريخ البلاد العربية الحديثكلية التربية للعلوم الإنسانية / قسم التاريخ / المرحلة الثانية

الاصلاحات العثمانية

نتيجة للظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية التي مرت بها الدولة العثمانية في بداية القرن ١٩ والتي ادت الى حال من التدهور السياسي فقد انبرى رجالها المثقفين لوضع ديباجة لعملية تنظيم مركزي تشمل كافة المجالات الادارية والعسكرية لانقاذ كيان الدولة من الاضمحلال ، وقد تمت التنظيمات في مرحلتين :
المرحلة الاولى : التنظيمات الخيرية : وبدات من سنة ١٨٣٩ الى سنة ١٨٧٦ وتشمل عصري السلطان عبد الحميد الاول والسلطان عبد العزيز الاول وتمثلت ب:
اولا : اصلاح المؤسسة العسكرية : اقتصرت حركة الاصلاح الاولى على المؤسسة العسكرية في الدولة العثمانية التي كانت عسكرية الطابع منذ نشاتها وان تلك المؤسسة اصبحت قوة قديمة ومسيطرة تشل اي جهود رامية الى اصلاح بنية الدولة وهي المسؤولة عن الهزائم المتكررة التي منيت بها هذا من جانب ومن جانب اخر فقد ظهر للعيان تفوق النظم الاوربية في شؤون الجيش باثاره المادية الامر الذي جعل

الاصلاح العسكري يبدو هدفا مركزيا فشؤون الجيش كانت بمثابة المحورالاساس لجميع شؤون الدولة .
يرجع بعض المؤرخين اصلاح الجيش العثماني الى السلطان العثماني مصطفى الثالث وذلك لان النظم البحرية والمدفعية وفقا للاساليب والاسلحة الاوربية مستعينا بعدد من الخبراء والضباط الاوربيين وفي مقدمتهم البارون دي توت ، اما الانكشارية فلم يتعرض لهم انذاك لقوتهم وقدرتهم على مقاومة الاصلاح ورفضه الى ان جاءت محاولة حل الجيش الانكشاري والاستعاضه عنه بجيش نضامي حديث كان ثمره اولى للخطوات الاصلاحية القانونية في الدولة العثمانية ( ان الجيش الانكشاري ولعدم اطاعته للاوامر واقدام رجاله على الاعمال التخريبية وكثرة مطالبهم واسرافهم باموال الدولة تسبب بضائقة مالية للخزينة ونقص فيها ولهذا فقد اصدرنا امرنا بالحجز على اموال هذه العناصر المخربة للدولة كافة وايداعها الخزينة لتدارك النقص الذي حدث فيها وقد بقي كل من الباب العالي وبقية المدن الاسلامية مصانين من التلاعب من قبل هذا الجيش كما ان الاموال الاميرية كافة تم وضع اليد عليها ومن الان فصاعدا فان قانون الحجز والمصادرة لعموم الناس قد الغي وان اموال المتوفين منهم يجب دفعها الى الايتام والورثة ) وبعد ان ازداد تذمر الاهالي بتدهور اوضاعهم

الاقتصادية بسبب جور الحكام والباشوات المحليين لدرجة ان لاحقت السلطان اللعنات والنفور .
لقد كانت صيرورة الاصلاح في الدولة العثمانية معقدة ومتشابكة مع اجندات سياسية اقليمية ودولية الى ان تضافرت جملة من العوامل الداخلية والخارجية لتتبلور فكرة الاصلاح ولتسير عربة الاصلاحات العثمانية وجرت وراءها العديد من الاجراءات والتشريعات فاوقفت مبدا الحاكم المتفرد ولاول مرة تشكلت رقابة على السلطان وعلى الدولة ولكن لبعض الوقت فقط .
ثانيا: اصلاحات ادارية : نجحت الدولة العثمانية في ازالة الاداريين المتسلطين واستحدثت عددا من المجالس المكلفة بتطبيق الاصلاحات التي نادى بها السلطان محمود الثاني وهذه المجالس هي نوع من الاجهزة التشريعية مهمتها مناقشة امور الدولة واصدار القرارات بشانها فالامور القضائية يتولاهها المجلس الاعلى للاحكام العدلية والامور الادارية يتولاها مجلس شورى الباب العالي والامور العسكرية يتولاها مجلس شورى عسكري كما اقيمت عدة مجالس مختلفة للنظر في شؤون الزراعة والتجارة والصناعة والاشغال العامة وبذلك تخلت الدولة عن مؤسساتها القديمة لتقيم بدلا عنها مؤسسات اخرى حديثة وتم ايضا تنظيم اول تعداد للسكان والحجر الصحي

وغيرها من اعمال التي شملها الاصلاح في عهد محمود الثاني .
ثالثا : اصدار خط كولخانة : اصدره مطصفى رشيد باشا الفرمان السلطاني سنة ١٨٣٩ والذي تضمن بعض المبادئ منها صيانة ارواح واموال واعراض الناس وحضر المصادرات وعدالة الضرائب والنص بتحديد مدة الجندية اذ يعد مرسوم كولخانة الحلقة الاولى من سلسلة مراسيم وقوانين صدرت في اعقابه تتضمن اعادة تنظيم الاجهزة الادارية والمالية والقضائية والتاكد على مشاركة الاهالي على مستوى الولاية واللواء والقضاء والناحية لالادارة والعمل على حل مشكلاتها وياتي ذلك من خلال تشكيل مجلس الولاية والسنجق والمجلس العمومي والمجالس الادارية المحلية التي ألفت لمراقبة عمل الباشوات .
رابعا : اصدار مجموعة من اللوائح التنظيمية : التي جاءت بخطط جديدة لتقسيم العمل في ادارة الولايات واكدت على زيادة تاثير المركز ورقابته ليتجه نحو الحكم المطلق مما اتاح الفرصة لظهور تسلسل وظيفي محدد ومسؤوليات معينة بين الاداريين وانشاء الهيئات المخولة بالادارة والرقابة بشكل مستمر على كافة التوصيات والاعمال التي تنجزها الهيئات الاقل وتطبق الرقابة في اطار نظام ادارة الولايات الذي اخذ طابع المركزية وازالة الحكم الاستبدادي المطلق للباشا .


خامسا : قوانيين اصلاحية : وقد صدرت كثير من القوانين لاصلاح شؤون الحياة في معظم الاصعدة وايجاد نظاما اداريا يسمح للدولة بالسيطرة على المزارعين لتحقيق اقصى ما يمكن تحقيقة من ايرادات بعد فرض الضرائب على الزراعة والتجارة الخارجية الكمارك في اعقاب التغلغل الاوربي في الاقتصاد العثماني .
سادسا : خط همايون : قام السلطان عبد المجيد عام ١٨٥٦ بتشجيع من علي باشا وفؤاد باشا وغيرهما باصدار مرسوم اصلاحي اخر عرف بخط همايون او المرسوم السلطاني في ١٨ شباط ١٨٥٦اكد ما جاء في مرسوم ١٨٣٩ القاضي بتامين رعايا الدولة على ارواحهم واموالهم واعراضهم وتقرير المساواة في دفع الظرائب وتمثيل الطوائف غير الاسلامية في المجالس المحلية في القرى والاقاليم ورفع الجزية عنهم ومشاركة ابنائهم في المدارس الحكومية بعدما كانت قاصرة على المسلمين ومشاركتهم في الجيش والوظائف الحكومية وانشاء الكنائس الخاصة بهم والتعهد بالقضاء على المساوئ الادارية ومحاربة الرشوة واسباب الفساد الاخرى وغيرها من المبادئ والقواعد المستمدة من الانظمة الاوربية.
سابعا : اصلاح التعليم : كل التعليم قبل صدور القوانين والتعليمات الخاصة بتاسيس المدارس الحديثة تعليما تقليديا اذ كانت الكتاتيب منتشرة في الولايات العربية تعلم

الصبيان حفظ القرآن الكريم وبعض المبادئ القراءة والحساب وشيئا من الكتابة اما الجوامع فكانت تمثل مراحل التعليم العالي حيث يلتقي البعض ممن يرغب التعليم دراسة علم النحو والصرف والتشريع الاسلامي وعلم التفسير وكذلك الحال بالنسبة للطوائف غير المسلمة في الولايات العربية اذ كان التعليم دينيا يقتصر على تعليم ابنائهم قراءة كتبهم المقدسة وكان تعليمهم ينحصر في الاديرة حتى صدرت حكومة الباب العالي في سنة ١٨٤٦ تعليمات لاجراء اصلاح شامل في الحركة التعليمية والى ايجاد مؤسسات تربوية حديثة في ولايات الدولة العثمانية وكان لتاسيس مجلس المعارف في اسطنبول في السنة نفسها دور في متابعة حركة التعليم وتاسيس ادارات للمعارف في الولايات العثمانية لتنظيم شؤون التعليم والاشراف علية .
ثامنا : قدم السلطان عبد المجيد المزيد من التنازلات للاوربيين: ضمن اطار الاصلاحات والتشريعات نفسها وذلك بمقابل ضغط دول اوربا على محمد علي باشا الطموح للعودة الى طاعة السلطان والاعتراف بسيادته على ان يتم حصر حكم مصر وراثيا بعائلته وتم تعويم بعض من حقوق المسيحيين من سكان اوربا الشرقية والبلقان ولبنان كما كانت مسالة الغاء وتخفيف الضرائب عليهم مهمة لعملية الاصلاح السياسي والاقتصادي وخاصة الغاء الجزية وتشريع الضرائب المالية .

تاسعا: خط الاصلاحات والتنظيمات الجديدة ١٨٧٤ : صدر هذا الخط في اخر عهد السلطان عبد العزيز الثاني في ١٣كانون الاول ١٨٧٤ وتضمن حاجة الدولة الى الاصلاح والتاكيد على ما جاء في خطي كولخانة وهمايون التنظيمات الخيرية وضرورة تامين حقوق الاهالي والتزام العدل في معاملة جميع الرعايا بدون استثناء وانظيم ادارة الحكومة .

المحاضرة القادمة ستكون المرحلة الثانية : تعرف بالمشروطية الاولى وتشمل عصر عبد الحميد الثاني من عام ١٨٧٦ الى ١٩٠٨



رفعت المحاضرة من قبل: اسامة ايمن عبد الغني
المشاهدات: لقد قام 0 عضواً و 95 زائراً بقراءة هذه المحاضرة








تسجيل دخول

أو
عبر الحساب الاعتيادي
الرجاء كتابة البريد الالكتروني بشكل صحيح
الرجاء كتابة كلمة المرور
لست عضواً في موقع محاضراتي؟
اضغط هنا للتسجيل