مادة الأرشاد التربوي المرحلة الثالثة
أستاذ المادة : هدى جواد كاظم الموسويتاريخ النشر : 20/4/2020
نظريات التوجيه والارشاد
سنتطرق في هذه المحاضرة أن شاء الله إلى نظريات التوجيه والارشاد , وهي :1. نظرية التحليل النفسي
2. النظرية السلوكية
3. نظرية الذات
4. النظرية الوجودية
5. النظرية الأنسانية
6. النظرية المعرفية
سنتناول في هذه المحاضرة (نظرية التحليل النفسي والنظرية السلوكية) , وفي المحاضرة القادمة أن شاء الله نكمل نظريتي (الذات , والوجودية). قبل الخوض في غمار تلك النظريات لابد من الاشارة إلى أن المرشد النفسي يجب أن يعمل في ضوء النظرية , فما هي النظرية النفسية.
ويجب أن تتضمن النظرية الفروض الأساسية التي بنيت عليها كما يجب أن تتضمن مجموعة من التعريفات الإجرائية أو التجريبية , من جانب آخر فأن الفروض أيضاً يجب أن تكون ذات صلة بالوقائع التجريبية التي تهتم بها النظرية , كما تهدف النظرية إلى أكتشاف العلاقات التجريبية الثابتة بين المتغيرات , والنظرية يجب أن تكون هادفه ونفعيه بمعن تفسر الظاهرات وتنظم الحقائق والقوانين في شمول وتكامل يفيد في العمل ويمكن من الضبط والتنبؤ الدقيق. وفي السياق ذاته نقول بما أن الارشاد النفسي يهتم بدراسة وفهم وتفسير وتقييم السلوك والتنبؤ به وتعديله وتغييره , فلابد من دراسة النظريات التي تفسر السلوك وكيفية تعديله , ومن هذا المنطلق فأن دراسة نظريات الارشاد النفسي تفيد في فهم العملية الارشادية , وفهم أوجه الشبه والاختلاف بين طرق الارشاد , وأن تعدد نظريات التوجيه والارشاد تفيد في مواجهة تعدد المشكلات التي يتناولها الارشاد النفسي في شخصيات المسترشدين والمرشدين أنفسهم. ولابد من الاشارة إلى نقطة مهمة في الموضوع ذاته إلا وهي :- أنه يفضل للمرشد أن يحاول الاستفادة من وجهات نظر – النظريات – المتلفة حت لو كان للمرشد نظرية مفضله يعتمد عليها في عمله , وبهذا الأطلاع على وجهات النظر المتلفة , يكون المرشد متمكناً من عدة نظريات ومناهج.
وفيما يلي عرضاً لأهم النظريات الارشادية :-
1- نظرية التحليل النفسي لـ (سيجموند فرويد) :- إذ يفترض فرويد مؤسس هذه النظرية أن الجهاز النفسي يتكون من ثلاثة أجزاء هي :-1. الهو :- وهو منبع الطاقة الحيوية والنفسية ومستودع الغرائز والدوافع الفطرية التي تسعى إلى الاشباع في أية صورة وبأي ثمن , وهو يمثل الصورة البدائية للشخصية قبل أن يتناولها المجتمع بالتهذيب.
• الأنا الأعلى :- هو مستودع المثاليات والاخلاقيات والضمير والمعايير الاجتماعية والقيم الدينية , ويعتبر بمثابة سلطه داخلية أو رقيب نفسي. 3
• الأنا :- هو مركز الشعور والادراك الحسي الخارجي والداخلي والعمليات العقلية والمشرف عل الحركة والادارة والمتكفل بالدفاع عن الشخصية وتوافقها وحل الصراع بين مطالب (الهو) وبين مطالب (الأنا الأعلى) وبين (الواقع) , لذلك هو محرك منفذ للشخصية , ويعمل في ضوء مبدأ الواقع من أجل حفظ وتحقيق الذات والتوافق الاجتماعي. ويرى فرويد أن الجهاز النفسي لابد أن يكون متوازناً حتى تسير الحياة سيراً سوياً , ولذلك يحاول الأنا حل الصراع بين الهو والأنا الأعلى , فإذا نجح كان الشخص سوياً , وإذا أخفق ظهرت أعراض العصاب.
*مستويات الوعي الانساني :-
• الشعور : وهو منظمة الوعي الكامل والاتصال بالعالم الخارجي , وهو الجزء السطحي من الجهاز النفسي , ويتكون من المدركات والذكريات والمشاعر الواعية.
• اللاشعور : يكون معظم الهاز النفسي , ويحوي ما هو كامن وليس متاحاً ومن الصعب استدعاؤه أي ما هو مكبوت , وان المكبوتات تسعى إلى الخروج من اللاشعور إلى الشعور في الاحلام وفي أعراض الأمراض النفسية.
• ما قبل الشعور : يحوي ما هو كامن وليس في الشعور ولكنه متاح ويسهل استدعاؤه إلى الشعور مثل الذكريات.
• الغريزة : قوة تفرض وجودها وراء التوترات المتأصلة في حاجات الكائن الحي وتمثل مطلب الجسم من الحياة النفسية , وهدفها القضاء على التوتر , وموضوعها هو الاداة التي تحقق الاشباع.
بعد ذلك العرض يتضح أن أسباب الاضطرابات النفسية ترجع إلى الكبت اللاشعوري والصراع بين الدوافع الهو ومتطلبات الأنا الأعلى , مما يطور حالة من القلق عندما لا يستطيع (الأنا) التحكم بالقلق عن طريق وسائل عقلانية , يلجأ مباشرة إلى استخدام الوسائل الدفاعية (ميكانزمات الدفاع) , لغرض تحقيق التكيف ,
وقد تكون هذه الوسائل سلوكيات طبيعية , ويمكن أن تكون لها قيمه كيفيه إذا لم تصبح أسلوب الحياة الرئيس في التعامل وتجنب مواجهة الواقع , ويعتمد استخدامها عل مستوى الشخص النمائي وعلى روجه القلق لديه.
ويرى (فرويد) أن هدف العلاج في التحليل النفسي هو اخراج اللاشعور المكبوت إل حيز الشعور لكي يعيه الفرد ويتعامل معه , فاستخدم طريقة التداعي الحر؟
فما هو التداعي الحر ؟
هو التعبير باستخدام الحديث أو الكتابة عن محتويات الوعي دون أي رقابه لمعرفه العمليات اللاواعيه , بمعنى اوضح أن المرضى يتحدثون من تلقاء أنفسهم بدلاً من تكرار أفكار المحلل النفسي ؛ إذ يستعملون أفكارهم الخاصة بدلاً من تكرار اقتراحات الآخرين فقط , فاستخدام فرويد هذه الطريقة بهدف استدعاء الخبرات المكبوتة في اللاشعور إلى الشعور واعادة بناء وتوجيه الشخصية , وبذلك يزيد الوعي والشعور لدى المسترشد ويحقق فهم عاطفي وعقلي لديه تجاه مشاكله وصعوباته واعادة تعلمه لما جرى له , ويحدث هذا بمجمله تغييراً في الشخصية , ويقرر (فرويد) أن السمات الأساس للشخصية المتوافقة تتمثل في ثلاث سمات هي :- قوة الأنا والقدرة على العمل والحب.
*خطوات العلاج عند فرويد :-
1. طمأنة المريض (المسترشد) وتأكيد ثقته بنفسه , وتكوين علاقة عمل اجتماعية سليمه معه تعتمد على التقبل.
2. التطهير أو التفريغ الانفعالي للمواد المكبوتة سواء كانت حوادث أو خبرات أو دوافع أو صراعات لمصاحباتها الانفعالية بما يؤدي إلى اختفاء أعراض العصاب (أي التعبير عن الحوادث الانفعالية) باستخدام التداعي الحر للكشف عن المواد المكبوتة في اللاشعور , إذ يتم أطلاق العنان بحرية للأفكار والخواطر والصراعات والرغبات والاحساسات مع الاستفادة من كل معلومة يتحدث عنها المسترشد واستخدامها ضمن برنامج العلاج.
3. تفسير ما يكشف عنه التداعي الحر.
4. بناء العادات السليمة , أو أعادة التعلم.
*النقد الموجه إلى نظرية التحليل النفسي :-
1. أن التحليل النفسي يهتم بالمرضى والمضطربين أكر من اهتمامه بالأسوياء والعاديين.
2. أن التحليل النفسي عمليه طويلة وشاقه ومكلفه في الوقت والجهد والمال.
3. يحتاج إلى خبره واسعه وتدريب عملي طويل.
4. هناك خلافات نظرية ومنهجيه بين طريقة التحليل النفسي الكلاسيكي وبين
الحديث والمعدل والمختصر.
2- النظرية السلوكية :- مؤسس هذه النظرية جون واطسن , هناك عدة أسماء لهذه النظرية منها (نظرية المنير والاستجابة) , وأيضاً تسمى (نظرية التعلم) , وتهتم بشكل رئيس بالسلوك :- كيف يتعلم وكيف يتغير , وفي ذات الوقت فأن السلوك يشكل الاهتمام الرئيس في عملية الارشاد التي تتضمن عملية تعلم ومحو تعلم وإعادة تعلم , والتعلم هو محور نظريات التي تدور حولها النظرية السلوكية.
أما المفاهيم الرئيسية في النظرية السلوكية فهي :-
1. معظم سلوك الأنسان متعلم :- فالفرد يتعلم السلوك السوي وغير السوي , بمعنى اوضح أي أنه يتعلم السلوك المتوافق والسلوك غير المتوافق , ولابد من الاشارة إلى أن السلوك المتعلم يمكن تعديله.
• الشخصية : التنظيمات أو الأساليب السلوكية – العادات المتعلمة الثابتة نسبياً التي تميز الفرد عن غيره من الأشخاص.
• 3. عناصر عمليه التعليم :- ويشمل عدة محاور :
- المثير والاستجابة : كل سلوك (استجابة) له مثير, فإذا كانت العلاقة بين المثير والاستجابة سليمه , كان السلوك سوياً أما أذا كانت العلاقة بينهما مضطربة كان السلوك غير سوي والأمر يحتاج إلى دراسة ومساعدة , أي دراسة المثير والاستجابة وما
وما بينهما من عوامل شخصية جسمية عقلية اجتماعية انفعالية.
- الدافع : ترتكز نظرية التعلم على الدوافع والدافعية في عملية التعلم , والدوافع هو طاقة قوية تدفع الفرد وتحركه إلى سلوك , ويوجه السلوك لإشباع حاجاته.
- التعزيز : هو التقويه والتدعيم والتثبيت بلإثابه , فالسلوك يتعلم ويقوى ويدعم ويثبت إذا تم تعزيزه.
- الانطفاء : هو ضعف وتضاؤل وخمود وإنطفاء السلوك المتعلم إذا لم يمارس ويعزز أو إذ إرتبط شرطياً بالعقاب بدل الثواب.
- العادة : هي رابطه وثيقه بين مثير واستجابة , وتتكون العادة عن طريق التعلم وتكرار الممارسة , ووجود رابطه قويه بين مثير واستجابة.
• التعميم : إذ تعلم الفرد استجابة وتكرر الموقف فإن الفرد ينزع إلى تعميم الاستجابة (أي يكرر نفس الاستجابة).
• 4- التعلم ومحو التعلم وأعادة التعلم :-
- التعلم : هو تغيير السلوك نتيجة الخبرة والممارسة.
- محو التعلم : يتم عن ريق الانطفاء.
- اعادة التعلم : تحدث بعد الانطفاء بتعلم سلوك جديد.
وفي السياق ذاته نقول أن النظرية السلوكية لم تهتم ببناء الشخصية لكن أهتمت في كيفية تطورها ونموها , والشخصية طبقاً لهذه النظرية هي مجموعة السلوكيات والعادات
التي تميز الفرد عن غيره من الافراد , وأن معظم هذه السلوكيات متعلمه , وأن الناس ليسوا خيرين ولا سيئين ولكن يبدأو حياتهم كصفحة بيضاء محايدون – لم يكتب عليها شيء , فتنظر إلى الناس على أنهم كائنات استجابيه أو تفاعليه فهم يستجيبون للمثيرات البيئية , ويتم لعلم السلوك من خلال التفاعل مع البيئة , والمشكلات السلوكية هي سلوك متعلم , يتعلمه الفرد من البيئة التي يعيش فيها , وأن الأنسان عندما يتعلم السلوكيات الخاطئة وغير السوية , انما يتعلمها من محيطه الاجتماعي عن طريق التعزيز والنمذجه , والتكشيل , ويرى أصحاب هذا المنظور أن الاضطراب الانفعالي ينتج عن أحد العوامل الآتية :-
1. الفشل في اكتساب أو تعلم السلوك.
2. تعلم أساليب غير مناسبه.
• مواجهة الفرد لمواقف متناقضة لا يستطيع معها اتخاذ قرار مناسب.
• الارشاد النفسي وفقاً للنظرية السلوكية :
يركز الارشاد السلوكي على ما يأتي :-
• تعزيز السلوك السوي المتوافق.
• مساعدة المسترشد في تعلم سلوك جديد مرغوب والتخلص من سلوك غير مرغوب , ومساعدته في تعلم أن الظروف الاصلية قد تغيرت أو يمكن تغييرها.
• ضرب المثل الطيب والقدوة الحسنه أمام المسترشد لعله يتعلم أنماطاً مفيدة من السلوك.
• الحيلولة بين المسترشد وبين تعميم قلقلة على مثيرات جديدة.
*خطوات عمليه الارشاد في تعديل السلوك :-
• تحديد السلوك المطلوب تعديله.
• تحديد الظروف التي يحدث فيها السلوك المضطرب.
• تحديد العوامل المسؤولة عن استمرار السلوك المضطرب.
• اختيار مجموعة من الظروف التي يمكن تعديلها أو تغييرها.
• أعداد جدول لإعادة التعلم.
*النقد الموجه للنظرية السلوكية :-
• يركز الارشاد السلوكي على ازالة الأعراض بدلاً من الحل الجذري للسلوك المشكل , وبذلك قد يكون وقتياً وعابراً.
• أن معظم دلالاتها العلمية والتجريبية مبنية عل البحوث التي اجريت على الحيوانات أكثر منها على الأنسان.
• تتغاضى النظرية السلوكية من النظر للفرد ككل , فتهمل العناصر الذاتية في السلوك.
• تعد السلوك الظاهري الملاحظ الموضوعي فقط هو الذي يوضع في الاعتبار من الناحية العلمية.