فرنسا منذ اعلان الجمهورية الثالثة حتى الحرب العالمية الاولى _1871-1914)الجزء الثاني
استاذة المادة:- د. نرجس كريم
كريفي رئيسا للجمهورية الفرنسية الثالثة (1886-1906)
اعتلى كريفي رئاسة الجمهورية على اثر فوز الجمهوريين بالانتخابات الجديدة, لكن عهدة شهد عدد من الفضائح والاحداث التي عصفت بفرنسا اهمها :-• حادثة بولانجي :- تتلخص بان هذه الشخصية كانت قد اظهرت كفاءة في حرب السبعين, فاختير وزيرا للحربية في الوزارة الجديدة وقد استخدم بولانجي منصبة لتعزيز مركزة ويتكلم امام الجميع عن حرب الانتقام من المانيا فنال شعبية عظيمة واصبح معبود الجماهير وبطل فرنسا , فاثار الامر حفيظة الحكومة فطلبت منه الاستقالة وطرد من الجيش عام 1887, مما دفع به الى تجميع العناصر المؤيدة له والمعارضة للحكومة السياسية وفي مقدمتهم الملكيين والكاثوليك والبونابرتون, وكاد ان يقوم بانقلاب لولا ان شجاعته خانته فامرت الحكومة القاء القبض عليه ومحاكمته بتهمة الخيانة لكنه هرب الى بلجيكا ليلقي حتفه بعد عامين.
• اما فضيحة دانيال ولسن عام 1887 فتمثلت بتورط هذه الشخصية بفضائح مالية , اذ استغل منصبه كونه صهر الرئيس كريفي في جمع المال عن طريق بيع الوظائف والقاب الشرف وغيرها, متخذا قصر الرئاسة مسكنا له ولزوجته , مما جعل الجمعية الوطنية تقوم بتعيين هيئة تفتيشيه لدرس القضية فحكم عليه بالسجن سنتان بعد ادانته, وعدم التعامل مع الرئيس كريفي, مما حدى بالرئيس الى تقديم استقالته على اثرها.
• مشروع قناة بنما لربط المحيط الهادي بالمحيط الاطلسي في اضيق نقطة تربط امريكا الجنوبية,الذي تبناه فرديناند دلسيبس, فاتح قناة السويس, برأسمال ثلاثمائة مليون دولار, بمشاركة من بعض رجال الدولة ورأسماليين يهود, لكن المشروع واجه مشاكل في طبيعة الارض المختلفة والمناخ السيء عن منطقة السويس فلم تكفي الاموال للمشروع فاتهم دلسيبس باهدار الاموال وسيق الى المحكمة عام 1894.
• حاثة دريفوس:- هي اتهام رجل عسكري يهودي ذو منصب حساس ببيع اسرار عسكرية الى المانيا فحكم بالاشغال الشاقة وجرد من رتبته لكن اليهود لم يتوانوا عن محاولة تبرئته وابراز الحقيقة لكن الحكومات الفرنسية المتعاقبة احست ان من المهين لها تبرئته لاسيما بعد ان اكتشف ان الرسائل لم تكن بخطه بل بخط شخص اخر, ورغم سعي حكومة اميل لوبيت العفو عنه عام 1899 لكن اليهود اصروا على براءته فاستمر الوضع حتى عام 1906 فتم تبرئته واعادة رتبته بدرجه اعلى.
مدة حكم اميل لوبيت
فازت الحكومة برئاسة والديك روسو عام 1899التي اغلب اعضائها من الراديكاليين فقررت الوزارة تطهير الجيش من العناصر الرجعية والملكية وابعاد الجيش عن السياسة نهائيا, وتقليل مدة التجنيد الى سنتين. ليستقيل بعد عامين لسوء صحته ليعقبه اميل كومب الذي دخل بصراع مع الكنيسة وصودرت اموال الكنيسة بعد ان فصلت الكنيسة عن الدولة عام 1905, مع امتناع الدولة عن دفع رواتب رجال الدين , ولامتعاض البابا من هذا القانون عدلته الحكومة عام 1907, ليكون قانون فصل الكنيسة عن الدولة هو من كلف اميل منصبه السياسي. ليعتلي جورج كلمنصو رئاسة الحكومة الذي وجه حملاته ضد الاشتراكيين والكنيسة الكاثوليكية , لياتي قانون فرض الضريبة عام 1909 الذي حاول فرضه لينهي حكمة بعد ان اجبر على الاستقاله. ليخلفة بريان الذي سعى لوضع بعض التشريعات منها الضمان الاجتماعي واستخدام الجيش للقضاء على الاضطرابات لينهي عهده عام 1911, ليعقبها عده حكومات حتى عام 1914.التقدم الاقتصادي في عهد الجمهورية الثالثة
اهتمت الحكومات المتعاقبة بالناحية الاقتصادية, فقد شجع الجمهوريون الزراعة والصناعة والتجارة, وقاموا بمد سكك الحديد وتوسيع الموانئ وربط الانهار بعضها ببعض بواسطة القنوات. واستبدلت الضرائب المباشرة على المحاصيل بالضرائب غير المباشرة وتقديم المنح المالية لزراعة الكروم , مع تشجيع الجمعيات التعاونية الفلاحية وتأسيس البنوك لتقديم القروض للزراع, وفتح المدارس الزراعية وفرض الضرائب على المحاصيل المستوردة لحماية الزراع المحليين.وقد خطت فرنسا في الصناعه خطوات مهمة وازداد عدد المصانع وفرضت الحكومة التعريفة الكمركية على البضائع المستوردة لحماية الصناعات الوطنية .
قامت الحكومة الفرنسية بتشريع القوانين العمالية منها قانون 1894 لتنظيم اشتغال النساء ومنع اشتغال الاطفال دون سن الثالثة عشر, وحددت ساعات العمل اليومي بعشر ساعات, ومنع اعمال السخرة.
الاحزاب السياسية قبل الحرب العالمية الاولى
لم تكن في فرنسا احزاب سياسية منظمة بالمعنى المتعارف عليه في بريطانيا , لهذا يشار لها بالفئات السياسيةاحياناً, ونظرا لتعدد الفئات السياسية فان الوزات لا تستمر في الحكم الا لفترات قصيرة لانها تمثل جهات متعددة, اي ان الوزارات ائتلافية, مع ملاحظة عدم استقرار الوزارة في فرنسا بحيث ان خمسين وزارة تناوبت في الحكم ما بين 1870-1914 اهم الفئات السياسية انذاك:-
• الملكيون وهم اقصى اليمين في الجمعيةومن مبادئهم تأييد رجال الدين والجيش.
• الاحرار وهم محسوبين على اليمين وكانوا يدعون الى انهاء المشكلة مع الكنيسة والقيام بالتشريعات الاجتماعية.
• الجمهوريون مكونين الكتله الرئيسية في البرلمان وهم من عدة فئات معتدلين وراديكاليين جمهوريون وراديكاليون اشتراكيون, وقد اتحدوا في مقاومة الرجعية والملكية ورجال الدين لكنهم اختلفوا على لائحة الخدمة العسكرية الاجبارية ولائحة الاصلاح البرلماني.