مواضيع المحاضرة: الحسبة
قراءة
عرض

المحاضرة الثامنة : الحسبة

الحسبة مؤسسة ادارية اقتصادية نشأت وتطورت تدريجيا في الدولة العربية الاسلامية تبعا لحاجة المجتمع الاسلامي وتوسع الدولة العربية الاسلامية ، وعرفها الفقهاء وذهب الى ذلك ابن خلدون بانها الامر بالمعروف اذا ظهر تركه والنهي عن المنكر اذا ظهر فعله .
وعدها البعض بانها وظيفة ذات سلطة قضائية تتوسط بين القضاء والنظر في المظالم ، ومن البديهي ان الحسبة اختصت ابتداء وبشكل اساس في تنظيم احوال الاسواق ومعاملاتها ثم مالبثت ان شملت الاشراف والمراقبة على نواح متعددة من الحياة في المجتمع الاسلامي .
الحسبة بصيغتها الشرعية معروفة منذ عصر النبي (ص) استجابة لحكم الاية القرانية الكريمة : (( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) ، وسار الخلفاء من بعده على سيرته في المراقبة اذ اشارت المصادر التاريخية الى ان عمر بن الخطاب كان يشرف على اسواق المدينة بنفسه وشهد عهده البدايات الاولى لوظيفة صاحب السوق اذ تولى ذلك بعض الصحابة ، وذكر انه ولى احدى الصحابيات ( الشفاء بنت عبد الله العدوية ) على سوق المدينة ويبدو لنا ان اشرافها كان مقتصرا على ما يتعلق بالنساء ، وجاء ايضا ان امرأة اخرى تولت هذا الامر وهي سمراء بنت نهيك الاسدية .
وفي عهد امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) اتفقت المصادر على انه كان مهتما بالاسواق منبها اصحابها عاملا على منع التعاملات غير الصحيحة فيها ، اذ ذكر انه كان يوصي اصحاب السلع بأخذ الحق واعطاءه .
اما في العصر الاموي فقد اطلق على مراقب الاسواق اسم ( العامل على السوق ) وانحصرت وظيفته بمراقبة الاوزان والمكاييل .
ومن الجدير بالذكر ان كل هذه المراحل هي خطوات لتأسيس مؤسسة الحسبة كمؤسسة متكاملة في العصر العباسي اذ شهدت العقود الاولى البداية الحقيقية لهذه المؤسسة بعد ان عين عاصم الاحول اول محتسب في الدولة العباسية في عهد ابي العباس السفاح اول حكام الدولة ، ومن ثم عين المنصور العباسي ابو زكريا بن عبدالله محتسبا في بغداد فكانت هذه البدايات خط الشروع لمؤسسة الحسبة كمؤسسة متكاملة .اذ اصبح الحكام يعينون محتسبين على اسواق بغداد وغيرها من المدن الاسلامية .

اعمال وواجبات المحتسب

تعددت المهام التي اوكلت الى المحتسب في العصور العباسية المختلفة فمنها ماهو اقتصادي او ديني او اجتماعي او طبي وغير ذلك ويمكن ان نلخصها بما يأتي :-
1 – مراقبة الاسواق للاشراف على الاسعار والمقاييس والموازين وغيرها من التعاملات التجارية لمنع كل ماحرمه الاسلام كالربا والتطفيف والمعاملات الفاسدة الاخرى ومنع الاحتكار والاستغلال والغش .
2 – مراقبة ارباب الحرف واصحاب المهن المختلفة ، كمراقبة الاطباء واجبارهم على دفع دية المريض عند الخطأ في العلاج ، فضلا عن الاشراف على الخبازين والقصابين وكل اصحاب المهن والحرف المختلفة ,
3- مراقبة الآداب العامة في الطرقات والاماكن التي يرتادها الناس ومنع الرجال من التعرض للنساء .
4 – مراقبة العبادات ، اذ ان للمحتسب دور في الحث على اداء صلاة الجمعة والعيدين والصلوات الواجبة فضلا عن مهمته في منع الافطار في شهر رمضان والاشراف على المؤذنين ونظافة المساجد وهيبتها .
5- مراقبة الابنية والطرقات والامر بهدم الابنية المتداعية للسقوط ، وعدم اشغال الطرقات وتسهيل الحركة فيها .
6 – الاشراف على الكتاتيب ومنع المعلمين من ضرب الصبيان ومنع الحمالين وارباب السفن من الاكثار في الحمل حتى لاتتعرض الى الغرق.
وخلاصة القول ان وظيفة المحتسب كانت تشمل كل نواحي الحياة في الدولة العباسية ، اذ كان المحتسب يستعين بالعرفاء الذين كانوا في الاعم الاغلب من ارباب الحرف والصناعات ومتقدميها ، والاعوان لتطبيق اوامره وقراراته التي كانت في اغلب الاحايين فورية رادعة مفوضة الى رايه وهو ماعرف بالتعزير الذي هو نوع من انواع العقوبات ،فقد كان من بين عقوباته الحبس والتعنيف والجلد والضرب بالسوط والنفي والتشهير وغيرها من العقوبات .



رفعت المحاضرة من قبل: اسامة ايمن عبد الغني
المشاهدات: لقد قام عضو واحد فقط و 293 زائراً بقراءة هذه المحاضرة








تسجيل دخول

أو
عبر الحساب الاعتيادي
الرجاء كتابة البريد الالكتروني بشكل صحيح
الرجاء كتابة كلمة المرور
لست عضواً في موقع محاضراتي؟
اضغط هنا للتسجيل