الطب العدلي
( ا لموت وعلاماته )الموت
يمكن تعريف الموت بصورة عامة بأنه كل ما يُحـل بالجسـم البشـري نتيـجة التـوقف الـدائـم (اللاعكسي) للاجهزة الحيوية الثلاثة الرئيسية في الجسم وهي ( الجهازالعصبي، جهاز الدوران، والجهاز التنفسي ).وبسب التطور العلمي الحاصل في مجال الهندسة الصحية وفي زراعة الأعضاء فقد أختلف العلماء في تفسير وتعريف الموت لأن الانسان قد يتنفس عن طريق التنفس الأصطناعي أو قد ينبض قلبه بأستعمال جهاز ناظم القلب الكهربائي،
• وعلى هذا الأساس فقد تم تقسيم الموت الى نوعين وهما كما يلي :
• أ- الموت الجسماني . ( Somatic death )
هو التوقف الدائم لجميع الأفعال الحيوية في كل أعضاء الجسم .
ب- الموت الخلوي . ( Cellular death )
ب- الموت الخلوي . ( Cellular death )
هو تنخر خلايا الجسم (Cell necroses) بسبب فقدان متطلباتها للحياة من الأوكسجين والطاقة، وتختلف خلايا الجسم في قابليتها على تحمل فقدان الأوكسجين والطاقة حيث أن بعض خلايا الجسم تستطيع أن تقاوم أنعدام الأوكسجين والطاقة لعدة ساعات مثل الخلايا العضلية بينما لايقاوم البعض الآخر أكثر من عدة دقائق مثل الخلايا العصبية، ويشمل ذلك موت الدماغ ((Brian death وهو التوقف النهائي في عمل الدماغ بما في ذلك النشاط اللاأرادي (Involuntary) الضروري لاستمرار الحياة بسبب التنخر التام للخلايا العصبية في المخ ((Cerebrum وفي جذع الدماغ ((Brain stem بعد فقدان الأوكسجين في الدماغ ويسمى ذلك بـ (موت الدماغ الكامل، Whole-brain death)،بينما في حالة موت المخ فقط وبقاء جذع الدماغ حياً فأن عمل القلب والرئتين يمكن أن يستمر دون أستخدام أجهزة دعم الحياة ويسمى ذلك بـ (موت المخ، Cerebral death)، وأن الفترة الزمنية الواقعة ما بعد حصول الموت الجسماني وقبل حصول الموت الخلوي هي الفترة المستخدمة في زراعة الأعضاء البشرية المختلفة .
علامات الموت
يوجد هنالك نوعان من علامات الموت وهما كما يلي :أولاً- العلامات الظنية للموت .
أ- علامات الجهاز العصبي .
1- تعطل عمل جميع الحواس في الجسم وأنعدام المنعكسات الحسية .
2- حصول الرخاوة العضلية الأبتدائية .
3- توسع ثابت لبؤبؤ العين .
4- غيبوبة عميقة ودائمة .
ب- علامات جهاز الدوران.
1- برودة في حرارة الجلد .
2- شحوب في الأجزاء العليا من الجسم .
3- توقف دوران الدم من خلال فحص الأوعية الدموية في شبكية العين ( Retina ) .
4- أنعدام نبض الشريان الكعبري ( Radial pulse (وأي شريان نابض تحت الجلد .
ج- علامات الجهاز التنفسي .
حدوث مايسمى بـ ( شهقة الموت ) وهي عبارة عن شهيقين عميقين بدون زفير والتي تمثل أنتفاضات تنفسية ثم تهمد حركة صدرالجسم ويتوقف التنفـس، وقد تحصـل أطالـة في فتـرة التنفس مابين (10- 15 ) ثانية بين نفس وآخر.الموت الظاهري ( الحياة المعلقة ) .
هو عبارة عن حالة خاصة تنخفض فيها جميع الوظائف الحيوية لأجهزة الجسم المختلفة الى أدنى حد يمكن أن تدوم معه الحياة .حيث تكون ضربات القلب ضعيفة وبطيئة ولايمكن سماعها بواسطة السماعة الطبية ولايحس نبض الشريان الكعبري عند الرسغ، وتنعدم الحركات التنفسية والأنعكاسات العصبية، وفي مثل هذه الحالة يصعب على الطبيب التأكد من وجود حياة في الجسم .
والموت الظاهري يمكن أن يحدث أرادياً كما في بعض حالات رياضة (اليوكا)، وقد يحدث بصورة لاأرادية وهو المهم في الطب والطب العدلي وذلك في الحالات الآتية :
1- الأشخاص الذين يتم أنتشالهم من الماء وهم بين الحياة والموت .
2- الأشخاص المصعوقين بالتيار الكهربائي .
3- الطفل المولود لتوه والذي لايبدي علامات الحياة .
4- الأشخاص الذين يتعرضـون لأضرار رضية شديدة في الدماغ .
5- الأشخاص الذين يتناولون جرعات عالية من المخدرات .
وأن جميع هذه الحالات المذكورة يمكن أن تتم معالجتها بالاسعافات الأولية السريعة والصحيحة مثل التنفس الفموي في حالة الغرق وغيره .
الفحوصات والأختبارات التأكيدية على حصول الموت
يوجد هنالك بعض الفحوصات والأختبارت التي يمكن أن يجريها الطبيب من أجل التأكد من حصول الموت وهي كما يلي :
1- أ ختبار ( ونسلو ) .
يجـرى هذا الأختبـار بوضـع أنـاء زجاجـي يحتـوي كمية معيـنة من المـاء فوق المنطـقة الشرسـوفيـة (Epigastric area) ، فـأذا أســتقـر سطح الماء في الأناء دل ذلك على توقـف الحركات التنفسية عند الأموات .
2- أختبار ( ماكَنس ) .
يجرى هذا الأختبار عن طريق ربط قاعدة أحد الأصابع بخيط متين فيحتقن الأصبع عند الأحياء ولايحتقن عند الأموات .
3- أختبارات العين .
منعكس البؤبؤ الضوئي pupil light reflex )) حيث يلاحظ وجود توسع ثابت لبؤبؤ العين عند تقريب الضوء منه عند الأموات .ب- منعكس الوَطف ( Corneal reflex ) حيث يلاحظ عدم تحرك أجفان العين عند ملامسة القرنية بقطعة من القطن عند الأموات .
ج- ظاهرة الشدف الساكن ( Segmentation ) حيث نشاهد تقطع الدم داخل الأوعية الدموية لشبكية العين عند فحصها بجهاز فحص العين ( Ophthalmoscope ) عند الأموات .
4- تسطح قراءة تخطيط القلب (ECG ) عند الأموات .
5- عدم سماع دقات القلب وصوت التنفس بأستخدام السماعة الطبية عند الأموات .
6- وضع مرآة أو زجاجة أمام فتحات التنفس الخارجية وأنتظار تضبيبها ببخار الماء عند الأحياء وعدم حصوله عند الأموات .
ثانياً: ( العلامات التأكيدية للموت )
يعتمد الطبيب في تشخيص الموت على وجود معظم أو جميع العلامات الظنية للموت، وكذلك على وجود أحدى العلامات التأكيدية وهي علامات مهمة جداً من الناحية الطبية العدلية والتي تسمى أيضاً بـ (التغيرات الموتية ، (Postmortem changes ، والعلامات التأكيدية للموت هي كما يلي :أولاً : تلونات الموت الأنحدارية ( الزرقة الرمية) ( Hypostasis )
وهو التلون الحاصل بعد حلول الموت بوقت قصير في الأجزاء المنخفضة الحرة ( غير المُسندة أو المنضغطة ) من الجثة تبعاً لوضعية الجسم بعد الموت .
وسبب ظهور هذه التلونات هو توقف القلب عن ضخ الدم الى جميع أنحاء الجسم وبالتالي سوف يتجمع الـدم داخل الأوعيـة الدموية الصغيرة في المناطق المنخفضة الحرة من الجثة وحسب قانون الجذب العام ونظرية الأواني المستطرقة وأما المناطق العالية من الجثة أو المناطق غير الحرة ( المُسندة أو المنضغطة ) فأن تلونات الموت الأنحدارية لا تظهر فيها، وتظهر تلونات الموت الأنحدارية بشكل واضح في الجلد ولكنها تظهر أيضاً في الأحشاء الداخلية للجسم، ويجب تمييز هذه التلونات عن الحالات المرضية وعن الكدمات الرضية .
الأهمية الطبية العدلية لتلونات الموت الأنحدراية
1- تشخيص الموت ( علامة تأكيدية للموت )تعتبر تلونات الموت الأنحدارية علامة أكيـدة للموت وذلك لانها تحـدث فقط بعد حصول الموت وبوقـت يتراوح ما بين (20- 30 ) دقيقة ولايمكن أن تحدث قبل الموت المؤكد، وتوجد هناك بعض الحالات المرضية التي تسبب تلونات في الجسم أثناء الحياة مثل ( أمراض الدم، والطاعون ) وغيرها ولكن هذه التلونات هي ليست تلونات الموت الأنحدارية وأنما هي تلونات مرضية تحدث قبل الموت.
2- تقدير الزمن المنقضي على الوفاة .
تظهرتلونات المـوت الأنحـدارية فـي المناطق المنخفضة الحرة من الجثة على شكل بقع صغيرة ومتعددة وذلك مابين ( 20- 30 ) دقيقة على توقف القلب النهائي عن العمل بسبب توسع وأمتلاء الأوعية الدموية الصغيرة بالدم المنحدر اليها ثم تتسع رقعة كل بقعة حتى تتصل ببعضها البعض، ومابين (5- 6) ساعات بعد الموت سوف تنتشر على شكل بقعة كبيرة واحدة في جهة واحدة من الجثة ماعدا المناطق المسندة أو المنضغطة تبقى شاحبة اللون من جراء خلو الأوعية الدموية السطحية من الدم بسبب ثقل الجسم على الأماكن التي يستند عليها مثل ألارض والخشب وغيرها أو بسبب الضغط الخارجي على الجسم بواسطة ألاحزمة والأربطة وغيرهاوأذا قُلبت الجثة بعد عدة ساعات من الموت ثم تُركت لتكونت التلونات في المناطق المنحدرة الجديدة تبعاً لوضعية الجثة الجديدة وتبدأ بالزوال من موضعها القديم قبل التقليب وذلك بسبب بقاء السيولة الدموية في الأوعية الدموية الصغيرة عكس الأوعية المتوسطة والكبيرة وأن تلونات الموت الأنحدارية تعتمد في ظهورها على الأوعية الدموية الصغيرة وليس المتوسطة والكبيرة
3- الدلالة على وضعية الجثة بعد الوفاة .
يدل مكان أنتشار التلونات الأنحدارية على وضعية الجثة بعد الموت، ففي حالة أستلقاء المتوفي على ظهره سوف تنتشر التلونات على طول الجزء الخلفي من الجسم ماعدا منطقة الكتفين والأليتين ومتوسط السطح الخلفي للأطراف الأربعة والتي تمثل المناطق المسندة من الجسم، أما أذا كانت المتوفي مستلقياً على بطنه فأن التلونات سوف تنتشرعلى طول الجزء الأمامي من الجسم ما عدا بعض مناطق من الوجه والصدر والبطن والتي تمثل المناطق المسندة من الجسم، أما أذا كانت المتوفي معلقاً بعد الموت كما في حالة الشنق فأن التلونات سوف تنتشر في أسفل الجذع ونهايات الأطراف الأربعة .4- أعطاء فكرة أولية عن سبب الوفاة .
أن اللون الأعتيادي لتلونات الموت الأنحدارية هو أحمر مزرق، ويمكن الأعتماد على تلونات الموت الأنحدارية في أعطاء فكرة أولية عن سبب الوفاة من خلال لونها وكما يلي :أ- الأختناق يكون لونها بنفسجي غامق أو أزرق مسود .
ب- التسمم بغاز الفحم ( أول أوكسيد الكاربون ) يكون لونها وردي باهت .
ج- التسمم بالسيانيد أو عند الموت برداً يكون لونها أحمر زاهي .
ء- التسمم بمركبات الفسفور العضوية يكون لونها قهوائي غامق .
هـ- النزف الدموي أو فقر الدم الشديد يكون لونها أحمر شاحب .
ثانياً : تعادل درجة حرارة باطن الجثة مع حرارة المحيط
يبدأ الجلد عند حلول الموت بفقدان حرارته بسرعة نسبية الى ما دون ( 31 مْ ) بحيث يحس الجلد بارداً بعد (نصف ساعة) تقريباً على وقوع الموت في الأجواء المعتدلة والباردة وذلك بسبب توقف سريان الدم في الأوعية الدموية . بينما يبدأ أنخفاض الحرارة في باطن الجثة مابين ( 2- 3 ) ساعات بعد حصول الموت وذلك بسبب فقدان الحرارة من الجثة عن طريق (التوصيل والحمِل والأشعاع) حسب قانون نيوتن، وسبب تأخر فقدان الحرارة من باطن الجثة هو وجود الطبقة الشحمية تحت الجلد ووجود السعرات الحرارية في الجثة
وبعد ذلك الوقت سوف تتناقص حرارة باطن الجثة تدريجياً حيث يفقد باطن الجثة ما يقارب من (1,5 درجة مئوية) لكل (ساعة) من الزمن المنقضي على الوفاة الى أن تصل بعد حوالي (12 ساعة) من الوفاة الى مستوى مقارب لدرجة حرارة المحيط الذي حصل فيه الموت في الأجـواء المعتدلـة وتحتاج الى وقت أطول في الأجواء الباردة، بينما في الأجـواء الحـارة فـأن الحالة تختلف تماماً حيث تقوم الجثة بأكتساب الحرارة من المحيط الذي حصل فيه الموت ولذلك فأن حرارة باطن الجثة سوف ترتفع بصورة سريعة وتصبح مقاربة لدرجة حرارة المحيط الذي حصل فيه الموت في وقت قصير جداً
العوامل المؤثرة على تعادل درجة حرارة باطن الجثة مع حرارة المحيط .
1- بنية المتوفي الجسمانية ( بدين ، ضعيف ) .
2- الأمراض الخمجية (Infectious diseases) مثل (التفؤيد) والتي تجعل الجسم حاراً قبل الموت .
3- تناول بعض الأدوية التي تجعل الجسم بارداً قبل الموت مثل ( (Chlorpromazine
4- المنطقة وحرارتها مثل المناطق الثلجية والمناطق الحارة .
5- الملابس التي يرتديها المتوفي وطبيعتها .
6- طبيعة المكان الذي وجدت فيه الجثة مثل ( غرفة مغلقة مع مدفئة ) .وبسبب هذه العوامل المذكورة أعلاه فلا يمكن الأعتماد على قياس درجة حرارة باطن الجثة في تقدير الزمن المنقضي على الوفاة، ويتم قياس درجة حرارة باطن الجثة بواسطة محرار خاص يسمى بـ (المحرار الكيمياوي) وهو مدرج مابين ( صفر – 60 مْ ) يوضع في فتحة الشرج ( Anus) أو في مركز الكبد .