الطب العدلي المحاضرة : ( 8 )
(الكدمات والسحجات)
ب- الـكـدمـات .
الكدمة : هي تلون ناتج عن تجمع دموي في الأنسجة الرخوة التي تحت الجلد أو في أي نسيج آخر في الجسم من جراء تمزق الأوعية الدموية الصغيرة بعد تعرضها لشدة أكبر من مرونة تلك الأوعية .
حيث تتمزق الأوعية الدموية الصغيرة عند تعرضها لشدة أكبر من مرونتها فيخرج الدم منها الى المنطقة المجاورة لها في النسيج ومن ثم ينتشر الى المناطق الأبعد في نفس النسيج وذلك بسبب الفعل الآلي لجهاز الدوران، ولذلك فأن الكدمة هي ضرر حيوي بحت أي تحدث خلال الحياة فقط بسبب أعتماد أنتشارها على الفعل الآلي لجهاز الدوران .
(*) أنواع الكدمات .
يمكن تصنيف الكدمات الى نوعين، وهما كما يلي :1- الكدمات الرضية . ( bruises Lacerated )
هي الكدمات الناتجة عن تسليط شدة على الجسم بآلة راضة، وتظهر الكدمات الرضية في أغلب الأحيان في نفس موقع الشدة فتسمى (كدمة مباشرة)، وتظهر في بعض الأحيان في مكان آخر في غير موقع الشدة فتسمى (كدمة غير مباشرة) مثل ظهور الكدمات الرضية في الجفنين لكلتا العينين عند تسليط شدة على جبهة الرأس، وقد لاتظهر الكدمة واضحة في البداية لكنها تزداد وضوحاً مع الوقت.
(*) العوامل المؤثرة على ظهور الكدمات الرضية .
أ- وفرة أو قلة الأوعية الدموية الصغيرة الموجودة في منطقة الشدة، فكلما كانت الأوعية الدموية الصغيرة موجودة بوفرة في المنطقة المتعرضة للشدة كلما كانت الكدمة الرضية أكثر وضوحاً، والعكس بالعكس .ب- طبيعة النسيج المتعرض للشدة، فكلما كان ذلك النسيج ذو مرونة عالية مثل النسيج الشحمي كلما كانت الكدمة الرضية أوسع وأوضح، والعكس بالعكس .
ج- نوع ألآلة الراضة، حيث يختلف شكل الكدمة الرضية أعتماداً على نوع ألآلة الراضة المستخدمة، فمثلاً شكل الكدمة الرضية الناتجة عن العصا يختلف عن شكل الكدمة الرضية الناتجة عن المطرقة .
ء- العمر، حيث تكون الكدمة الرضية أيسر حصولاً عند الأطفال بسبب رقة الأنسجة وكذلك عند المسنين بسبب تصلب الأوعية الدموية .
هـ- الجنس، حيث تكون الكدمة الرضية أيسر حصولاً عند الأناث بسبب وفرة الأنسجة الشحمية تحت الجلد.
و- الحالة الصحية، حيث تكون الكدمة الرضية أيسر حصولاً عند الأشخاص المصابين ببعض الأمراض مثل مرض الـ ( هيموفيليا ، Haemophilia ) .
ز- لون الجلد، حيث تكون الكدمة الرضية أكثر وضوحاً عند الأشخاص ذوي البشرة البيضاء .
(*) الأهمية الطبية العدلية للكدمات الرضية .
1- وجودها يدل في أغلب الأحيان على تسليط شدة في موضعها خلال الحياة .
2- أعطاء فكرة عن الآلة المستخدمة في الحادث في بعض الحالات، فعلى سبيل المثال عند تسليط شدة على الجسم بواسطة آلة ذات جسم كروي مثل (المطرقة) فأنها تؤدي الى حصول كدمة رضية على شكل حلقة بينما عند تسليط شدة على الجسم بواسطة آلة ذات جسم أسطواني مثل (العصا) فأنها تؤدي الى حصول كدمة رضية على شكل خطين متوازيين .
3- أماكن ومواقع أنتشارالكدمات الرضية في الجسم يدل على طبيعة الحادث في بعض الحالات، فمثلاً أذا كانت الكدمات الرضية متجمعة حول المنطقة التناسلية فأنها تدل على وجود أعتداء جنسي .
4- تقدير الزمن المنقضي على حصول الشدة، وذلك من خلال التغيرات التي تحصل في لون الكدمة الرضية، فهي ذات لون أحمر مزرق في اليوم الأول من حصول الشدة وبعد ذلك تتحول الى اللون الأزرق المسود مابين (1-3) أيام ثم تتحول الى اللون الأخضر مابين (3-7) أيام ثم الى اللون الأصفر مابين (7-14) يوماً ثم تختفي ما بين (2-4) أسابيع، ماعدا الكدمة الرضية الحاصلة تحت منظمة العين (Subconjunctival) تبقى حمراء اللون الى أن تزول ولذلك لأنها تمتص الأوكسجين الذائب في الدمع مع كل طرفة عين .
2- الكدمات العلاجية . ( bruises Therapeutic )
هي الكدمات الناتجة عن تمزق الأوعية الدموية الصغيرة بواسطة الحقن الوريدي أوالعضلي أو سحب الدم لأغراض علاجية، ويمكن تمييزها عن الكدمات الرضية من خلال مواقعها المعروفة في الجسم مع وجود أثر وخزة الأبرة التي أسُتعملت في الحقن في وسط الكدمة.(*) يوجد هنالك مايسمى بالكدمات الكاذبة (المُضلِلة) وهي عبارة عن تلونات مُضلِلة تحدث بعد الوفاة في داخل الجسم أثناء تشريح الجثة وهذه لايمكن أعتبارها كدمات حقيقية لأن الكدمة الحقيقية هي ضرر حيوي بحت أي بمعنى آخر أن الكدمات الحقيقية تحدث خلال الحياة فقط .
(*) الفروقات بين الكدمات الرضية وتلونات الموت الأنحدارية .
1- تظهر تلونات الموت الأنحدارية في المناطق المنخفضة الحرة (غير المسندة أو المنضغطة) من الجسم فقط بينما تظهر الكدمات الرضية في أي مكان من الجسم يتعرض الى الشدة .
2- يسيل الدم عند أجراء التبضيع على موضع تلونات الموت الأنحدارية بينما يُشاهد الدم متجمعاً في الأنسجة الرخوة تحت الجلد عند التبضيع على موضع الكدمات الرضية .
3- يزول الدم عند غسله بالماء بعد التبضيع على موضع تلونات الموت الأنحدارية بينما لايزول الدم المتجمع في الأنسجة الرخوة تحت الجلد عند غسله بالماء بعد التبضيع على موضع الكدمات الرضية .
ج- السـحـجـات .
السحجة : هي ضرر ناتج عن تسليط شدة على الجسم بآلة راضة يصيب الطبقات السطحية من بشرة الجلد دون أن يصل الى الطبقة القاعدية ( Basal layer ) .تعتبر السحجة أبسط أنواع الجروح (الأضرار الرضية)، وهذا يعني أنها من الناحية السريرية غير مهمة وذلك لأنها ستشفى من دون أن تترك ندبة (Scar) لأن الطبقة القاعدية سليمة وهي المسؤولة عن الأنقسام وتعويض الخلايا التالفة من البشرة، ولكنها من الناحية الطبية العدلية مهمة جداً .
(*) أنواع السحجات .
يمكن تصنيف السحجات الى نوعين، وهما كما يلي :أ- السحجات الكشطية . ( Tangential abrasions )
يحدث هذا النوع من السحجات عندما تكون الشدة المُسلطة على الجسم بصورة غير عمودية (مائلة) ومترافقة مع حركة موضعية واضحة مما يؤدي الى كشط الجلد، مثل السحجات الكشطية الناتجة عن مرحلة الرمي في حوادث الدهس .
ب- السحجات الختمية (الطبعية) . ( Crushing abrasions )
يحدث هذا النوع من السحجات عندما تكون الشدة المُسلطة على الجسم بصورة عمودية ومترافقة مع حركة موضعية ضئيلة أو معدومة، وتمثل السحجة الختمية طبع أو ختم للسطح الضارب المُسلط بصورة عمودية على الجسم ولذلك فمن الممكن أحياناً أن تعطي السحجة الختمية شكل الآلة المحدثة لها، مثل السحجات الختمية الظفرية ذات الشكل الهلالي في حالة الخنق اليدوي والناتجة عن الضغط برؤوس الأصابع مع أظافرها ليد الجاني على رقبة المجني عليه، وقد تترافق السحجات الختمية مع تمزقات داخلية في الجسم في بعض الأحيان .
(*) الأهمية الطبية العدلية للسحجات .
1- نوع وشكل السحجة يدل على آلية حصولها ويعطي فكرة عن الآلة المستخدمة في الحادث في بعض الحالات، حيث أن نوع السحجة يدل على آلية حصولها، بينما شكل السحجة من الممكن أن يعطي فكرة عن الآلة المستخدمة في الحادث كما في السحجات الختمية .2- أماكن ومواقع أنتشار السحجات في الجسم يدل على طبيعة الحادث في بعض الحالات، فعلى سبيل المثال وجود السحجات الختمية حول فتحة الشرج يدل على أثار اللواط الحديث .
3- تقدير الزمن المنقضي على حصول الشدة، وذلك من خلال مراحل أندمال السحجات وهي كما يلي :
أ- دور تكون القشرة ( Crust ): في اليوم الأول
ينضح سطح السحجة سائل مصلي مدمى (serous fluid Bloody) في الساعات الأولى من حصول الشدة ثم يتوقف النضح لتتكون القشرة من السائل المصلي والخلايا الميتة ومكونات الدم الخلوية، وتكون القشرة رطبة ولينة وذات لون أحمر مسود ثم تبدأ بالجفاف بعد بضعة ساعات من تكونها لتجف بصورة تامة في نهاية اليوم الأول .ب- دور التجديد الطلائي : (1-3 ) أيام
يبدأ هذا الدورفي اليوم الثاني من حصول الشدة، ويتميز بأرتفاع حواف القشرة وغمق لونها وزيادة سمكها ويكون واضحاً في نهاية اليوم الثالث .ج- دور التكاثر الظهاري : ( 3-7 ) أيام
يبدأ هذا الدور في اليوم الرابع من حصول الشدة، ويتميز ببداية أنفصال حواف القشرة عما حواليها، مع أكتمال نمو النسيج الطلائي (Epithelial tissue) تحت القشرة في نهاية الأسبوع الأول .ء- دور سقوط القشرة : ( 1-2 ) أسبوع
يبدأ هذا الدور في بداية الأسبوع الثاني من حصول الشدة، حيث تسقط القشرة في بداية هذا الدور لتكشف عن سطح طلائي وردي اللون ومرتفع عما يجاوره، ثم يتجانس اللون ويزول الأرتفاع ويحصل الأندمال التام من دون أن يترك ندبة في نهاية الأسبوع الثاني .(*) من الممكن أن تحدث السحجات بعد الوفاة بسبب أحتكاك الجثة بسطح خشن وتسمى بالسحجات غير الحيوية والتي تكون ذات لون أصفر باهت وجافة وخالية من القشرة .
4- جروح الآلآت ذات الصفات الخاصة .
توجد هنالك بعض الآلآت التي تجمع بين صفتين مثل الصفة الراضة والصفة القاطعة وتسمى الآلآت الراضة القاطعة مثل (الفأس والساطور) وغيرها حيث يعمل ثقل الآلة والشدة المسلطة من خلالها كآلة راضة ويعمل طرفها الحاد كآلة حادة قاطعة مما يؤدي الى جروح تجمع بين الصفتين وتسمى الجروح (الرضية القطعية) حيث يكون شكل الجرح منتظماً ( مستعرض أو طولي ) وذو حواف منتظمة ( غير مشرشرة ) ولايحتوي على الجسور النسيجية ولكنه مترافق مع السحجات والكدمات الرضية الموجودة في حواف الجرح أو حولها، وأذا شمل الجرح العظام فأن الكسور الحاصلة فيها تكون ذات حواف منتظمة أيضاً .