قراءة
عرض

الطب العدلي المحاضرة : ( 23 )

( الغرق )
الغرق (Drowning) .
هو عبارة عن غمر فتحتي التنفس ( الأنف والفم ) تحت الماء أو تحت أي سائل أخر .
يعتبر تعريف الغرق على هذا النحو تعريفاً واسعاً وذلك لأنه يشمل الكثير من الحالات،حيث لا يشترط في الغرق غمر الجسم بأكمله (يكفي غمر فتحي التنفس) ولكن في أغلب الأحيان يكون غمر الجسم بأكمله، ولايشترط فيه أن يكون السائل هو الماء (أي سائل أخر) ولكن في أغلب الأحيان يكون هو الماء .
(*) أنواع الغرق . يمكن تقسيم الغرق الى نوعين رئيسين وهما كما يلي :
أولاً : الغرق الحيوي.
يقصد به الغرق الذي يحصل للأشخاص الذين يسقطون في الماء وهم أحياء، بحيث تحصل الوفاة من جراء الدخول الى الماء، ويمكن تقسيم الغرق الحيوي الى نوعين وهما كما يلي :
1- الغرق الحقيقي (True drowning) .
هو الغرق الحيوي الذي يحصل فيه أحلال الماء بدل الهواء في المسالك التنفسية، وتحدث الوفاة فيه عن طريق نوعين من الآليات حيث تختلف آلية حصول الوفاة عند الغرق في المياه المالحة مثل مياه البحر عن آلية حصول الوفاة عند الغرق في المياه العذبة مثل مياه الأنهار، ففي حالة الغرق في المياه المالحة سوف يحصل سحب للماء من الدورة الدموية الى داخل الرئتين من جراء وجود فرق في الضغط التنافذي للماء بسبب وجود نسبة عالية من الأملاح في مياه البحر(المياه المالحة) وبالتالي سوف تحصل وذمة رئوية شديدة أضافة الى وجود الماء في المسالك التنفسية فتحصل الوفاة بسبب موت الدماغ بآلية الأختناق فقط، أما في حالة الغرق في المياه العذبة سوف يحصل سحب للماء من الرئتين الى داخل الدورة الدموية وذلك أيضاً من جراء وجود فرق في الضغط التنفاذي للماء وبالتالي سوف يحصل زيادة في نسبة الماء داخل الدم مما يؤدي الى حصول تحلل في خلايا الدم الحمراء (Haemolysis) والذي يسبب زيادة في كمية البوتاسيوم داخل الدم ((Hyperkalaemia فتحصل الوفاة بسبب الرجفان البطيني للقلب أضافة الى موت الدماغ بآلية الأختناق من جراء وجود الماء في المسالك التنفسية .
2- الغرق الجاف (Dry drowning) .
هوالغرق الحيوي الذي لايحصل فيه أحلال الماء بدل الهواء في المسالك التنفسية، حيث تحصل الوفاة فيه بسبب النهي العصبي أو الصدمة العصبية عند تلامس الجسم مع الماء، أي بمعنى أخر أن الوفاة لم تحدث بآلية الأختناق .
(*) في بعض الحالات النادرة قد تحصل الوفاة من جراء الأضرار الرضية الحاصلة عند أرتطام الأنسان بالأجسام الصلبة داخل الماء مثل أرتطام الرأس بالصخور وغيرها داخل الماء، وأن أغلب حالات الغرق الحيوي هي ذات طبيعة عارضية تحدث عند السباحين نتيجة لحدوث تشنج عضلي أو الذين لايجيدون فن السباحة، أما الحالات الأنتحارية فهي ليست بالقليلة أيضاً وفيها يكون الشخص مرتدياً ملابسه ولضمان حصول الغرق قد يقوم الشخص المنتحر بوضع أثقال في جسمه أو ربط يديه برباط .
ثانياً : الغرق غير الحيوي ( الأنغمار، Immersion) .
يقصد به الغرق الذي يحصل للأشخاص الذين يسقطون في الماء وهم أموات، حيث أن الوفاة تكون قد حدثت قبل الدخول الى الماء أي بمعنى آخر أن الوفاة لم تحصل من جراء الدخول الى الماء، كما في بعض الحالات العارضية عند السقوط في الماء بعد الوفاة بسبب بعض الأمراض الطبيعية مثل أحتشاء عضلة القلب (M.I) والصرع وغيرها، وكذلك في الحالات الجنائية عند قيام الجاني بقتل الضحية ثم رمي الجثة في الماء من أجل أخفاء معالم الجريمة، وفي مثل هذه الحالات لاتظهر العلامات التأكيدية للغرق وأنما العلامات الأحتمالية (علامات الأنغمار) فقط .

(*) علامات الغرق . تقسم علامات الغرق الى نوعين وهما كما يلي :
أولاً : العلامات الأحتمالية (علامات الأنغمار) .
1- برودة الجسم ( Cooling ) .
يفقد الجسم حرارته في المياه الباردة والمعتدلة الحرارة بمقدار مرتين مما عليه في الهواء، مما يؤدي الى تعادل درجة حرارة باطن الجثة مع درجة حرارة المحيط بوقت أقصر مما عليه في الهواء .
2- تحبُب الجلد ( جلد الأوزة ، Goose flesh ) .
يحدث تحبُب الجلد نتيجة لتقلص العضلات الناصبة للشعر Erector pilli muscle ) ) بسبب برودة الجلد .
3- التغًضُن ( hands Washer woman’s ) .
هو عبارة عن أبيضاض وتثخن وتجعد الجلد في راحة الكفين وباطن القدمين بسبب أنغمار الجسم في الماء، ويحدث أثناء الحياة عند الأشخاص الذين يستعملون الماء لفترة طويلة مثل ربات البيوت، ويحدث الأبيضاض في الـيوم الأول من الغمر في الماء أما التثخن والتجعد فيحدث في اليوم الثاني، ويستمر التغضن حتى نهاية الأسبوع الأول ولذلك يستفاد منه في تقدير الزمن المنقضي على بقاء الجسم في الماء، وبعد ذلك سوف ينسلخ جلد راحة الكفين وباطن القدمين على هيئة قفاز ويحتفظ الجلد المنسلخ ببصمات الأصابع ولذلك يستفاد منه في التوصل الى هوية الشخص الغريق .
4- تلونات الموت الأنحدارية .
يكون موضع تلونات الموت الأنحدارية عند الشخص الغريق في الرأس ومقدمة الجسم .
ثانياً : العلامات التأكيدية .
1- علامات خارجية .
أ- الزبد الرغوي ( Froth ) .
هو عبارة عن مادة بيضاء اللون ذات حبيبات دقيقة عديمة الرائحة تشاهد حول فتحتي الفم والأنف وتزول عند مسحها وتعاود الظهور عند الضغط على الصدر، والزبد الرغوي ناتج عن أستخراج الهواء مع الماء والأفرازات التنفسية المخاطية أثناء المحاولات الشديدة للتنفس من قبل الشخص الغريق .
ب- الأصمئلال الحيوي .
يحدث الأصمئلال الحيوي عندما يبذل الشخص الغريق جهداً عضلياً كبيراً قبيل الموت من أجل البقاء فوق سطح الماء مما يؤدي الى نقص كبير في مخزون العضلات من (الكلايكوجين) حيث يشاهد الشخص الغريق وهو ممسك بيديه بقوة على أعشاب أو حشائش أو رمال أو أطيان من الوسط المائي .
(*) ومن العلامات التأكيدية الخارجية الأخرى هو وجود أزرقاق في الوجه والشفتين والأظافر وظهور بقع تارديو النزفية على الوجه والرقبة وتحت منظمة العينين، وتشاهد جميع هذه العلامات في الغرق الحقيقي فقط
2- علامات داخلية .
أ- علامات الجهاز التنفسي .
تتمثل هذه العلامات بوجود أحتقان في بطانة المسالك التنفسية مع وجود مواد غريبة مثل الحشائش والأعشاب والرمال في المسالك التنفسية السفلية، وتكون الرئتين منتفختان وشاحبتان نتيجة لأحلال الماء بدل الهواء في الرئتين مع أنطباع أثار الأضلاع على سطحيهما وعند تبضيعهما يخرج الزبد الرغوي منهما، وتشاهد بقع تارديو النزفية تحت غشاء الجنب (على سطح الرئتين)، وتوجد هنالك بعض الأحياء المجهرية المائية تدخل مع الماء الى الرئتين ومن ثم تنتقل الى الدورة الدموية الرئوية وثم الى الدورة الدموية العامة وتنتشر الى الكليتين والكبد والطحال والدماغ ونخاع العظم وتسمى هذه الأحياء المجهرية المائية بـ (الدياتوم، Diatom) ويستفاد من الفحص المختبري للدياتوم في تحديد حيوية الغرق وذلك أذا وجد في الأحشاء الداخلية العميقة مثل (الكبد والكليتين ونخاع العظم) وليس أذا وجد في الرئتين أو الدم لأنه من الممكن أن تدخل هذه الأحياء المجهرية الى الرئتين والدم بعد الوفاة ولكنها لايمكن أن تصل الى الكبد والكليتين ونخاع العظم ألا قبل الوفاة بسبب وجود الفعل الآلي لجهاز الدوران عند الأحياء، وتشاهد جميع هذه العلامات في الغرق الحقيقي فقط .


ب- علامات جهاز الدوران .
تتمثل هذه العلامات بوجود أختلاف في تركيز أملاح الكلورايد بين جانبي القلب الأيمن والأيسر حيث أن وجود فرق في التركيز بحوالي (25 ملغم / 100 ملليتر) من الدم يعتبر من العلامات التأكيدية للغرق ويكون تركيز أملاح الكلورايد أكثر في الجانب الأيسر للقلب وخاصة عند الغرق في المياه المالحة، وتشاهد بقع تارديو النزفية تحت الغشاء التاموري (على سطح القلب)، وتشاهد جميع هذه العلامات في الغرق الحقيقي فقط .
ج- علامات المعدة .
تتمثل هذه العلامات بوجود ماء غير صالح للشرب داخل المعدة مع وجود مواد غريبة مثل الحشائش والرمال والأعشاب والأطيان .
(*) تظهر العلامات الأحتمالية (علامات الأنغمار) في كل من الغرق الحيوي وغير الحيوي بينما تظهر العلامات التأكيدية في الغرق الحيوي فقط .
(*) التغيرات الموتية في بعض حالات الغرق .
قد تحدث أحياناً تغيرات موتية في بعض حالات الغرق، وهذه التغيرات هي كما يلي :
1- وجود أضرار غير حيوية ناتجة عن النهش الحيواني بواسطة الأسماك أو من أحياء مائية أخرى أو ناتجة من بعض وسائل النقل المائية .
2- تأخر حصول التفسخ الأبتدائي بسبب فقدان حرارة باطن الجثة بوقت أقصر مما عليه في الهواء، ونتيجة لتكون الغازات التفسخية تطفو الجثة فوق سطح الماء، ويحدث هذا خلال أسبوع في الصيف وأسبوعين في الشتاء، ويعتمد تشخيص الغرق الحقيقي في الجثث المتفسخة على وجود المواد الغريبة في المسالك التنفسية السفلية وعلى وجود الدياتوم في الأحشاء الداخلية العميقة مثل (نخاع العظم والكبد) .
3- حصول التصبن (التشمع الشحمي) في بعض الجثث الملقاة في المستنقعات والمياه الراكدة والآسنة، حيث تبقى الجثة محتفظة بمعالمها وتبقى الأضرار في موضعها ولذلك يمكن الأستفادة منه في التوصل الى سبب الوفاة والتعرف على هوية الغريق .

(*) الغرق الجاف ( Dry drowning ) .

هو ذلك النوع من الغرق الذي ينعدم فيه وجود العلامات التأكيدية الخارجية وعلامات الجهاز التنفسي وجهاز الدوران وذلك لأن الوفاة لم تحدث بآلية الأختناق من جراء أحلال الماء بدل الهواء في المسالك التنفسية وأنما من جراء أسباب أخرى .
وتقسم أسباب الوفاة في الغرق الجاف الى نوعين وهما كما يلي :
1- النهي العصبي من جراء تحفيز منعكس العصب التائه وذلك عند السقوط مباشرة وبقوة على المنطقة الشرسوفية للبطن في الماء .
3- الصدمة العصبية الناتجة عن الألم الشديد بسبب تلامس سطح الجسم مع سطح الماء البارد .
(*) يعتبر الغرق الجاف من الحالات صعبة التشخيص في الطبابة العدلية وذلك لأنعدام وجود جميع العلامات التأكيدية الخارجية للغرق من الزبد الرغوي والأصمئلال الحيوي وغيرها وكذلك أنعدام جميع العلامات التأكيدية الداخلية لجهاز التنفسي وجهاز الدوران وكذلك ينعدم وجود الدياتوم في الأحشاء الداخلية العميقة وذلك لأن الوفاة لم تحصل بسبب موت الدماغ بآلية الأختناق من جراء أحلال الماء بدل الهواء في المسالك التنفسية، ومن الممكن أن تظهر علامات المعدة فقط بسبب أبتلاع الماء من قبل الشخص الغريق، ويعتمد تشخيص الغرق الجاف بدرجة كبيرة على معرفة ظروف الحادث ونفي الأسباب الأخرى للوفاة .

HYPER13PAGE HYPER15

3





رفعت المحاضرة من قبل: Abdulrhman_ Aiobaidy
المشاهدات: لقد قام 4 أعضاء و 979 زائراً بقراءة هذه المحاضرة








تسجيل دخول

أو
عبر الحساب الاعتيادي
الرجاء كتابة البريد الالكتروني بشكل صحيح
الرجاء كتابة كلمة المرور
لست عضواً في موقع محاضراتي؟
اضغط هنا للتسجيل