السلوك المهني الطبي1
د.بنان برهان محمدماجستير نسيج مرضي/مدرس- فرع الأمراض
لمحة تاريخية عن مهنة الطب والسلوك المهني الطبي:
السلوك المهني وآداب مهنة الطب يكونان حجري الأساس لإعطاء مهنة الطب خصوصيتها بين المهن الأخرى منذ بدء الخليقة وحتى اليوم، ولعل الذي يحدد حجري الزاوية الأساس هذين هو طبيعة عمل الطبيب الإنسانية ومسؤوليته عن صحة وحياة مرضاه والتي تمتد إلى صحة وبقاء المجتمع ككل لان هدف الطب مزدوج يرمي إلى العناية بصحة وسعادة الفرد والجماعة على حد سواء.إن مهنة الطب بدأت مع بداية إدراك الإنسان لما حوله وتعرضه للمشاكل المختلفة فلا عجب أن يبدأ الاهتمام بقواعد ممارسة هذه المهنة ومنذ أقدم الأزمنة. فقد تضمنت مسلة حمورابي مواد كثيرة تخص الطب وممارسته وصفات الطبيب وطرق الحفاظ على سلامة المهنة والاحكام الخاصة بسلوك الطبيب.
وعندما جاء الإسلام قضى على الكهنة وأبطل المداواة بالسحر والشعوذة التي كانت سائدة في عهد ما قبل الإسلام , و اباح تعلم الطب ونصح باستشارة الأطباء لما فيه من حفظ الصحة ودفع العلل والأمراض, وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة منها ماورد عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه قال “ أيها الناس تداووا فان الله لم ينزل داء إلا وانزل له شفاء“
وفي قوله صلى الله عليه وسلم “لكل داء دواء“ تقوية لنفس المريض والطبيب, وحث على طلب ذلك الدواء والتفتيش عنه فان المريض إذا استقين أن لدائه دواء يزيله, تعلق قلبه بروح الرجاء وقاوم اليأس وانفتح له باب الأمل.
يعتبر الخليفة العباسي المقتدر بالله أول من نظم صناعة التطبيب وقيد الممارسة بنظام خاص حرصا على مصلحة الناس, فقد فرض على من يريد ممارسة الطب تأدية امتحانا يمنح من يجتازه بنجاح إجازة تخوله حق الممارسة. وقد فعل الشئ نفسه الخليفة العباسي المحتسب كما أن العرب المسلمون هم أول من فرض امتحانا في مهنة الصيدلة زمن الخليفة العباسي المأمون.
وقد ترك لنا الأطباء العرب والمسلمون الأوائل تراثا خالدا في الطب العربي, وارسوا تقاليدا راسخة في الأخلاق الطبية والسلوك المهني قامت على المبادئ التي استمدت أصولها من الفقه الإسلامي, إضافة إلى ماترجموه من مؤلفات للأطباء اليونانيين مثل أبقراط و جالينوس وقد كان اصطلاح أدب الطب عندهم (هو مانطلق عليه اليوم السلوك المهني الطبي).
فقد قام أجدادنا من رواد العرب والمسلمين مثل الطبري والرازي وابن سينا بصقل وتجديد وإضافة أسس أخرى إلى ماهو قائم مما يخص ممارسة المهنة وسلوكها وأدبها في كتاباتهم التي تظهر بوضوح أهمية التقيد بالسلوك الطبي من قبل الطبيب ووجوب حرصه على حسن مظهره وتصرفاته مع المريض من جهة ومع أساتذته وزملائه والمجتمع من جهة أخرى.
بناء على ماتقدم يمكن أن نعرف موضوع السلوك المهني الطبي بأنه:
الموضوع المعني بدراسة الأسس الأخلاقية القويمة والسليمة التي تعتمد عليها ممارسة مهنة الطب بمعناها الإنساني الشامل لغرض توجيه الأطباء العاملين في هذه المهنة إلى السلوك المهني السليم والمنزه عن الأهواء والنوازع النفسية , المادية والمعنوية المنحرفة.
التزم الأطباء منذ أن تبلورت مهنة الطب بعهد يقطعونه على أنفسهم وبنود يتمسكون بها وسمو ذلك }القسم الطبي {, وقد اختلف مؤرخو العلم في أول موجد للقسم الطبي فهناك من يؤكد أن أبقراط (المتوفى 375ق.م) والذي كان يلقب بابي الطب هو واضع نص القسم المشهور باسمه. أهم هذه الوصايا:
• بعد تقوى الله وطاعته أن يفضلوا معلميهم و يشكروهم ويقيموهم في مقام أبائهم
• أن يجتهد الطبيب في مداواة المرضى ولا يكون غرضه في ذلك طلب المال لكن طلب الأجر والثواب.
• ان لا يعطي دواء قتالا ولا يصفه ولا يدل عليه ولا يذكره لأحد.
القسم الطبي
• ينبغي للطبيب ان يكون طاهرا دينا مراقبا لله عز وجل متباعدا عن كل نجس ودنس ولا ينظر إلى أمة ولا حرة بشي من ذلك.• ينبغي أن لايفشي سرا من علاجه وغيره ولا يطلع عليه احد.
• لاينبغي أن يكون أكثر تشاغله إلا بقراءة الكتب.
• لاينبغي ان ان يكون متشاغلا بالتلذذ واللعب واللهو وشرب النبيذ مما يضر بالدماغ.
• ان يكون رحيما عفيفا عطوفا لطيفا محبا للخير لطيف الكلام قريبا من الناس حريصا على مداواة المرضى ومعالجتهم لاسيما الفقراء.
وقد جرى العرف على أن يؤدي الطبيب المتخرج حديثا وقبل مزاولته مهنة الطب قسم مزاولة المهنة أمام عميد كلية الطب أو رئيس الجامعة أو الوزير الصحة أو نقيب الأطباء حسب النظام المعمول به في كل قطر. اتخذت الجمعية الطبية العالمية وصايا ابقراط قسما ملزما لكل أطباء العالم وصيغة هذا القسم في قطرنا العراقي هو كما يلي:
أقسم بالله العظيم وبمقدساتي أن أكون وفيا لمن علمني هذه المهنة عطوفا على المرضى مؤثرا مصلحتهم وان لا أفشي سرا لمريض ولا أعطي دواء بقصد الإضرار وان أكون حسن السيرة مع زملائي متفانيا في تحقيق آمال أمتي.
الطبيب: خريج إحدى كليات الطب المعترف بها من قبل النقابة والمجاز من قبلها بممارسة المهنة.
الطبيب العام: هو الطبيب الذي أكمل التدريب في فروع الطب الرئيسة أثناء الإقامة الدورية وأكمل مستلزمات قانون التدرج الطبي ويشمل ذلك الأطباء المستثنين والمعفوين من قانون التدرج الطبي.
الطبيب الممارس : هو الطبيب الذي أكمل تدريبه في احد فروع الطب في مستشفى تخصصي أو مستشفى عام كمقيم أقدم ولمدة لاتقل عن سنة واحدة أو سنتين حسب حسب طبيعة الفرع وتحت إشراف طبيب اختصاص.
الطبيب الاختصاص: هو الطبيب الحاصل على شهادة عليا في احد فروع الطب صادرة من جامعة معترف بها وقد سجل اختصاصه في النقابة.
الطبيب الاختصاصي الاقدم: هو الطبيب الذي مضى على عمله كاختصاصي عشر سنوات وبموافقة النقابة.
الطبيب الاستشاري: هو الطبيب الذي مضى على عمله كاختصاصي أقدم عشر سنوات وبموافقة النقابة.